نأتي الآن إلى وصف اللوحة الخامسة والعشرين في كنيس دورا أوروپوس وهي كما رأينا عن قربان أنبياء أو كهنة البعل.
صوّر الفنّان ثمانيةً من الكهنة (أو الأنبياء) موزّعين في مجموعتين على جانبيّ المذبح. الثياب يونانيّة الطراز ونرى العباءة himation ملتفّةً حول الذراع اليسرى بينما يمدّ النبيّ ذراعه اليمنى على غرار النماذج النمطيّة التي استعملها رسّام النسق الثالث إلى درجة الإفراط. التصوير جباهي كما لو أنّ تلك الشخصيّات تتوخّى وضعيّةً مناسبةً لأخذ اللقطة. يتناوب اللون الأبيض (الذي يعتمده الكهنة) في الثياب مع اللون الوردي (كالذي يرتديه الزعماء). لا ريب أنّ الوردي في هذه الحالة يرمز للأرجواني.
المذبح كبير مبني من الحجارة ويعلوه ثور تزيّنه أكاليل استعداداً للتضحية به. هذا النموذج مستعار من الفنّ الكلاسّيكي (أي اليوناني - الروماني). يتوسّط محراب أو تجويف مستطيل الشكل جذع المذبح ونشاهد داخله حيئيل واقفاً في لقطةٍ جباهيّة وكأنّه يتأهّب للفرار من الثعبان المتلوّي الزاحف في أسفل اللوحة على يمين الناظر. زيّ حيئيل فارسي ورديّ اللون (المقصود الأرجوان لون الملوك ما في ذلك من شكّ) ونراه ممسكاً بغرض بيضويّ الشكل لربّما كان مجمرةً.
تشدّ اللوحة الانتباه في تناظرها إلى درجة الجمود إذ يظهر أنبياء البعل متيبّسين في تباينٍ صارخ مع الرواية كما سردها الكتاب المقدّس. من الواضح أنّ الفنّان توخّى بالدرجة الأولى انطباعاً يوحي إلى المتأمّل بالنبل والصرامة من خلال تصلّبه وجموده خصوصاً. نعتقد بوجود قرابة بين هذا الفنّ وسلفه الوثني القديم من جهة والفنّ البيزنطي الآتي وشيكاً من جهةٍ ثانية.
قربان كهنة البعل على جبل الكرمل
No comments:
Post a Comment