Thursday, January 5, 2023

حزقيال من السبي إلى النبّوة

 


يرتدي النبي زيّاً إيرانيّاً في المشاهد الأربعة الأولى لا شكّ أنّ الفنّان تعمّده للتعبير عن أسر حزقيال من قبل الفرس.


كَانَ فِي سَنَةِ الثَّلاَثِينَ، فِي الشَّهْرِ الرَّابعِ، فِي الْخَامِسِ مِنَ الشَّهْرِ، وَأَنَا بَيْنَ الْمَسْبِيِّينَ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ، أَنَّ السَّمَاوَاتِ انْفَتَحَتْ، فَرَأَيْتُ رُؤَى اللهِ (الآية الأولى من الإصحاح الأوّل). 

...... وَكَانَتْ عَلَيْهِ هُنَاكَ يَدُ الرَّبِّ (الآية الثالثة). 


المشهدان الأخيران يرمزان إلى بعث الكون وهو بيت القصيد في النبوءة. لا ريب أنّ الفنّان هنا يترجم تعاظم دور حزقيال الكاهن (كلمة آراميّة تعادل كوهين في العبريّة) على حساب حزقيال الأسير. يرتدي الكوهين في المشهدين الأخيرين ثوباً أبيض تخطّطه شرائط زرقاء على غرار الأنبياء في سائر اللوحات. ليس تغيير الرداء هذا (بين المشاهد الاربعة الأولى والمشهدين الأخيرين) بالمستغرب وسنراه مجدّداً في اللوحة السابعة والعشرين (إيليّا يحيي ولد الأرملة). يدلّ التغيّر في ثياب حزقيال في لوحتنا إذاً على تبدّل الظروف من حالٍ إلى حال. كانت الأمور منقلبةً رأساً على عقب في بداية النبوءة عندما طال النجس بيت إسرائيل (الإصحاح السادس والثلاثون الآية السابعة عشرة) وكان أنبياء الربّ متسربلين بثياب الأسرى لدى الفرس. تطهّرت إسرائيل في نهاية المطاف وسكن أهلها مدنهم (الآيات ٢٥ و ٣٣-٣٦) وعاد أنبيائها إلى ارتداء الثياب البيضاء رمز الطهارة والتي اتّشح المبعوثون من الموت بها أيضاً. 


يعزّز هذا التظّور البديع الذي يعبّر عن النبوءة التغيّر الذي نراه في لون خلفيّة اللوحة الذي استحال من البنّي الفاتح في المشاهد الثلاثة الأولى إلى الأحمر القاني في المشاهد الأخيرة. يشطر هذا التغيّر في اللون اللوحة إلى قسمين ويساعد أيضاً في خلق تناظر زخرفيّ بين الشطر الأوّل لها من جهة وخلفيّة لوحة موت يوآب (الحادية والعشرين) البنيّة على الطرف المقابل للنسق من جهةٍ ثانية.     


أضف إلى ذلك تكرّر ظهور يد الله التي تساعدنا على تمييز المشاهد التي من السهل الخلط بينها في غيابها. تشير هذه اليد على الأرجح إلى يهوه المتكلّم وإن لم يكن الأمر كذلك بالضرورة في البعض الآخر من لوحات الكنيس (السابعة والعشرون عن إيليّا وإحياء إبن الأرملة مثلاً). 


أخيراً لم يلتزم الفنّان بتفاصيل النصّ الحرفيّة فيما يتعلّق بالعظام التي كانت " يَابِسَةٌ جِدًّا" (الإصحاح السابع والثلاثون الآية الثانية) بل فضّل الحريّة والتفنّن في تصوير الأشلاء ولم يتقيّد بسفر حزقيال إلّا في بعض العظام على سفح التلّ في المشهد الثالث. 


يتبع.






حزقيال وإحياء العظام الرميم


رؤيا إحياء العظام من المشهد الأوّل إلى المشهد الثالث


رؤيا إحياء العظام: المشهد الرابع


رؤيا إحياء العظام: المشهد الخامس


رؤيا إحياء العظام: المشهد السادس


بعث العظام أم بعث إسرائيل؟





No comments:

Post a Comment