Tuesday, November 22, 2022

تأليه موسى

 


نأتي الآن إلى اللوحة في أعلى الجدار الغربي للكنيس فوق المحراب المركزي. لهذه اللوحة أهميّة استثنائيّة كونها تحتلّ مكان الصدارة المخصّص للإله أو الآلهة حصراً في المعابد الوثنيّة.


هناك ما يشير إلى زخرفةٍ ما شغلت هذا المكان سابقاً كما رأينا في حالة الكرمة الرمزيّة. على ما يبدو رسم اليهود وأعادو رسم عدّة مشاهد قبل أن يستقرّ رأيهم على الموضوع النهائي الذي غطّوه مجدّداً بالكروم التي أخفته بدرجات متفاوتة. 


يلي مشهد تأليه موسى لوحة الخروج الكبرى ويقع بين لوحة موسى والعلّيقة المضطرمة من جهة ولوحة موسى في سيناء من جهة ثانية. هل كان ذلك بمحض الصدفة؟ من الصعب العثور على موقع أكثر موائمة وهذا ما دفعنا لدراسته في هذه المرحلة.


الخلفيّة حمراء قانية ونرى شخصاً جالساً على عرش تستند قدماه على موطىء. ثياب الرجل فارسيّة الطراز يقارب لونها الأسود. 


هناك شخصان تحته وعلى جانبيّ العرش يرتديان ثوبين أبيضين. شعر كلّ منهما سابل وساقاه عاريتان. غطّت أوراق وأغصان الكروم هذين الشخصين وهناك قرائن تشير إلى محاولة لإزالتها. تحيط بهذه المجموعة المركزيّة (الشخص على العرش والشخصان إلى جانبيه) مجموعة من الأشخاص الواقفين. المنظور جباهي والثياب فارسيّة. نرى في اللوحة عشرة أو أحد عشر شخصاً ولكن إذا أخذنا التناظر بعين الاعتبار فعلى الأرجح بلغ العدد الأصلي إثني عشر على الأقلّ. توارى جميع هؤلاء خلف أغصان الكرمة الملوّنة بالأخضر أو الأسود. إذا سلّمنا أنّ عددهم كان فعلاً ١٢ فهم على الأغلب يمثّلون أسباط إسرائيل


الخلاصة من شبه المؤكّد أنّ الجالس على العرش ملك أو مشبّه بالملك على جانبيه اثنان من مساعديه وسط الأسباط الإسرائيليّة. إذا كان من نراه موسى فمن المحتمل أنّ الفنّان استلهم المشهد من الآيات ١٣-١٦ من الإصحاح الثامن عشر لسفر الخروج    


وحدث في الغد أنّ موسى جلس ليقضي للشعب فوقف الشعب عند موسى من الصباح إلى المساء.  

فلمّا رأى حمو موسى كلّ ما هو صانع للشعب قال "ما هذا الأمر الذي أنت صانع للشعب؟ ما بالك جالس وحدك وجميع الشعب واقف عندك من الصباح إلى المساء؟"

فقال موسى لحميه "إنّ الشعب يأتي إليّ ليسأل الله". 


من الممكن أنّ المساعدين الذين يحيطان بموسى هما هارون وحور اللذان دعما يديه في المعركة التي واجه بها عماليق (خروج الإصحاح السابع عشر الآيات ١٠-١٢).


من الملفت للنظر أنّ موسى هنا يرتدي زيّاً ملكيّاً فارسيّاً بينما نراه في بقيّة المشاهد في زيّ يوناني. يثير هذا التناقض احتمال لجوء الفنّان إلى هذه الوسيلة زيادةً في تعظيم موسى ضارباً بعرض الحائط الأعراف التقليديّة. نجد هذا المشهد الذي ينضح بالجلالة في تمثيل الأباطرة وأيضاً المسيح على كأس أنطاكيا.  


لم يرض هذا المشهد الجميع إذ أخذ موسى فيه مظهر إله وتمثال موضع العبادة. لربّما دفع الاستنكار الفنّانين ومن ورائهم إلى رسم الكرمة فوق اللوحة. 


نميل إلى تبنّي هذه النظريّة ومع ذلك يتعيّن التنويه بوجود احتمال آخر أكثر تجاسراً مفاده أنّ الشخص المتربّع على العرش ما هو إلّا الربّ (يهوه) عينه شبّه هنا بالملك. إذا كان الأمر كذلك فلا غرابة في إدانة الرأي العامّ اليهودي لهذا التجديف ومن ثمّ تغطيته برسوم لاحقة.









Comte du Mesnil du Buisson. Les Peintures de la Synagogue de Doura-Europos, 245-246 après J.-C., Roma, Pontificio Istituto Biblico. Piazza della Pilotta, 35.  1939.


Apothéose de Moïse


No comments:

Post a Comment