أمر الربّ موسى في هذه اللوحة بالذهاب إلى فرعون ومطالبته بالسماح لليهود بالخروج من مصر. يتعيّن منطقيّاً من ناحية التسلسل الزمني أن يأتي هذا المشهد قبل لوحة الخروج الكبيرة بيد أنّ المخطّط العامّ لتوزيع لوحات الكنيس ترك فراغاً ضيّقاً بين لوحة الخروج على يمين الناظر وتأليه موسى في المنتصف وجده الفنّان مناسباً لمشهد فرديّ (موسى والعلّيقة).
استوحي إلهام اللوحة من الآيات ١-٦ للإصحاح الثالث من سفر الخروج.
وأمّا موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان فساق الغنم إلى وراء البريّة وجاء إلى جبل الله حوريب.
وظهر له ملاك الربّ بلهيب نار من وسط علّيقة فنظر وإذا العلّيقة تتوقّد بالنار والعلّيقة لم تكن تحترق.
... ناداه الربّ من وسط العلّيقة وقال: "موسى موسى" فقال ها أنا ذا.
فقال لا تقترب إلى ههنا. اخلع حذائك من رجليك لأنّ الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدّسة.
... فغطّى موس وجهه لأنّه خاف أن ينظر إلى الله.
قام الفنّان هنا بتبسيط المشهد ليقتصر على لوحة شخصيّة portrait لا نرى فيها "المنظر العظيم" المذكور في التوراة إذ تحتلّ العلّيقة هنا دوراً ثانويّاً تابعاً لموسى.
يظهر موسى في هذه اللوحة شابّاً أمرد الوجه للمرّة الأولى ممّا يدلّ أنّه لا يزال في باكورة رسالته. الثوب الذي يرتديه مشابه لما رأيناه في مشهد الخروج الكبير. يتقدّم موسى هنا مشيراً بيمناه إلى العلّيقة المشتعلة إلى جانبه وهي كناية عن شجيرة أو لربّما قصبة roseau كبيرة شريطيّة الأوراق مطليّة بلون اسودّ مع الزمن علّه كان أخضر في الأصل. تمثّل الخطوط المتعرّجة بين الأوراق ألسنة اللهب ونرى في الأعلى يد الربّ تبزغ من القبّة السمويّة إشارةً إلى يهوه والمعجزة التي اجترحها. يحتلّ حذاء موسى مكاناً بينه وبين العلّيقة. لا ريب أنّ هذا النوع من الأحذيّة مقتبس عن النماذج الفارسيّة الطريّة المعمولة من الجلد الأبيض بيد أنّ ثوب موسى يونانيّ الطراز وبالتالي كان بالأحرى أن ينتعل صندلاً.
هناك كتابة آراميّة باهتة قرب كتف موسى قرأها du Buisson كما يلي:
"موسى ابن عمرام سبط لاوي".
هذا النوع من الكتابات إلى جانب الرأس موجود في معابد دورا الوثنيّة أيضاً في لوحات مقدّمي النذور والهبات.
Comte du Mesnil du Buisson. Les Peintures de la Synagogue de Doura-Europos, 245-246 après J.-C., Roma, Pontificio Istituto Biblico. Piazza della Pilotta, 35. 1939.
No comments:
Post a Comment