زارت المؤلّفة دمشق للمرّة الأولى في مطلع عام ١٩٢٠ كما رأينا بتكليف من الجنرال هنري غورو وقابلت عدداً من أبرز شخصيّات العهد الفيصلي ومنهم الأمير بنفسه. القسم الثاني من كتابها مخصّص لزيارتها الثانية في مطلع الثلاثينات عندما بدا الانتداب الفرنسي مستقرّاً. كتبت السيّدة Harry:
"عدت إلى دمشق بعد عشر سنوات عندما كان فيصل ملكاً على العراق وأصبح لسوريّا رئيس جمهوريّة.
أتيت هذه المرّة عبر شرق الأردنّ على طريق مكّة والحجّ الصحراوي عبر إقليم حوران البركاني الأسود. عبرت بوّابة الله لأمتّع نظري بأشجار الحور المرتعشة حول الجوامع والصفصاف الباكي فوق التكايا العتيقة.
ما أحلى رؤيا بردى وفندق المتآمرين (١) من جديد! لم يطرأ عليهما تغيّر يستحقّ الذكر.
مع الأسف لم أستطع العثور على غرفة شاغرة في هذا النزل الساحر واضطررت إلى البحث عن مطلبي في مكان آخر لأجده في فندق الشرق (٢) الأقلّ شاعريّةً وإن تميّز برحابته ونضارة حديقته بورودها وتنهّد فسقيّاتها في الباحة المكشوفة حيث تتساقط ثمار البرتقال الناضجة حول الطاولات.
من البدهي أنّ دمشق تغيّرت خلال عشر سنوات: تمّ تجفيف المستنقعات حول تكيّة السلطان سليمان وشقّ شارع بغداد العريض عبر الغوطة المرهوبة الجانب (٣) ليصل حيّ المدينة المسيحي القديم مع الجديد وأقيم نصب تذكاريّ في ساحة واسعة لديكاربنتري Gaston Descarpentries قائد الهجّانة... نظّفت المدافع عدداً لا بأس به من الشوارع (٤) وذهب بعضها الآخر ضحيّةً للنيران التي التهمت في ثوانٍ هذه المنازل المبنيّة - كأعشاش العصافير - من أخشاب ونباتات البساتين."
(١) فندق فيكتوريا الكبير.
(٢) أو فندق خوّام: سابقاً فندق دميتري في موقعه الجديد.
(٣) إشارة إلى ثوّار الغوطة في منتصف العشرينات.
(٤) علّ الإشارة للحريقة وتدمير سيدي عامود.
Myriam Harry. Damas, jardin de l'Islam. J. Ferenczi & Fils 1948.
No comments:
Post a Comment