المكان قصر عثمان نوري باشا في دمشق ويحتلّ محلّ الصدارة الأمير فيصل بن الحسين على مائدة الغذاء بحضور أخيه الأمير زيد ونوري باشا السعيد. الزمان عام ١٩٢٠ بعد اجتماع فيصل مع غورو في غابة الأرز في الرابع عشر من كانون ثاني وقبل انعقاد المؤتمر السوري في الثامن من آذار. الأمير فيصل في أحسن حالاته. فلنستمع إلى آراءه السياسيّة ورؤياه المستقبليّة نقلاً عن الأديبة الفرنسيّة Myriam Harry:
"- من المثير للفضول أنّكم أيّها الأوروبيّون مغرمون بكلّ من لا نعتبره بذي بال. تثير خرائب الماضي حنوّكم في الوقت الذي نتحرّق فيه للقفز فوق الحاضر إلى المستقبل. نعم. تريدين الكلام عن التكيّتين اللتين أسّسهما السلطان سليم والسلطان سليمان (*) ... لن تجدي فيهما ما يوحي بالقصيدة العربيّة ولا حتّى الإسلاميّة على الإطلاق... غاية ما ستعثرين عليه فيهما هو التعصّب التركي. بنيت هاتان التكيّتان في الظاهر لتشجيع الحجّ إلى مكّة وفي الواقع لنشر الغباء وإخضاع الشرق العربي للإمبراطوريّة العثمانيّة. فرّخت هذه المؤسّسات التشنّج الديني والخرافات. كانت هذه التكيّة التي تثير إعجابك ملكاً للطائفة النقشبنديّة وهي أحد أكثر الطوائف جشعاً وجهلاً. كانت مدرسة للدراويش الأفّاقين الذين يماثلون - إذا جاز التعبير - رهبانكم الجهلة. قام هؤلاء بعزلنا عن سائر أنحاء العالم وخنقوا ومن كان على شاكلتهم الروح العربيّة وأدّوا إلى تخلّف أمّتنا عن بقيّة الأمم طوال أربعة قرون. آه! لو كان بوسعي أن أحوّل التكايا والمساجد إلى مدارس وأن أجعل من جامع بني أميّة الكبير جامعةّ على غرار السوربون!... لا بدّ وأنّك تدهشين من سماع ابن شريف مكّة يتكلّم بهذه الطريقة؟.. ولكنّني أحبّ دمائي العربيّة أكثر من حبّي لمكّة. أحبّ العرق العربي النبيل الكريم الذكي البطولي الذي أنتمي إليه. العرب بفطرتهم متديّنون وهم مستسلمون للّه بكلّ جوارحهم إلى درجة لا يحتاجون معها لاصطناع مظاهر العبادة. العرب بالأحرى بحاجة للتعليم والعلم أضف إلى هذا وذاك حاجتهم إلى الاستقلال والكرامة كي يبعثوا من جديد ويحيوا العبقريّة التي ميّزتهم. مسألة التقدّم والحريّة بالنسبة لسوريّا والامّة العربيّة هي مسألة حياة أو موت."
أختم بهذا المقطع الذي اخترته من الفصل الثالث عشر من "دمشق جنّة الإسلام" بعثة السيّدة Harry عام ١٩٢٠ والجزء الأوّل - الأطول - من كتابها . قدّر لها أن تعود إلى المدينة في مطلع الثلاثينات وتقدّمنا إلى مزيد من أبرز الشخصيّات السوريّة في عهد الانتداب الفرنسي في الجزء الثاني كما سنرى.
(*) خطأ شائع لدى العديد من المؤلّفين العرب والأجانب على حدّ سواء وإلى أمد ليس بالبعيد في نسبة التكيّة الشرقيّة أو الصغرى إلى السلطان سليم بينما الفضل فيها في الواقع يعود إلى ابنه سليمان شأنها في ذلك شأن التكيّة الكبرى الغربيّة.
عبد الرحمن الشهنبدر والتكيّة السليمانيّة ومستقبل المملكة السوريّة
على مائدة عبد الرحمن باشا اليوسف
بؤس بنات عبد الرحمن باشا اليوسف ونسويّة الأمير فيصل
لطيفة خانم عن دمشق ومدارس بنات العهد الفيصلي
جمال باشا يرمّم التكيّة السليمانيّة
جوّانا أميرة إنجلترا والملك العادل أبو بكر بن أيّوب
ريكاردوس قلب الأسد يطب يد ستّ الشام
Myriam Harry. Damas, jardin de l'Islam. J. Ferenczi & Fils 1948.
T.E. Lawrence. Seven Pillars of Wisdom (image)
ʿAbd-ar-Raḥmān aš-Šahbandar, al-Tekīyya al-Sulaymānīyyā et l'avenir de la Syrie chérifienne
Suq al-Ḥamīdīyyā: Histoire Officieuse
La Mosquée des Umayyādes ne parvient pas à impressionner Madame Harry
Où est passé al-Muṣḥaf al-ʿUthmānī?!
Chez ʿAbd ar-Raḥmān Pāšā al-Yūsuf
Jamāl Pāšā restaure al-Tekīyyā al-Sulaymānīyya
Jeanne d'Angleterre épouserait-elle al-Malik al-ʿAdil?
Sitt aš-Šām 💔 Richard Cœur de Lion
Quṭuz, Koutouzov et le Sultan des Fleurs
No comments:
Post a Comment