زحف جيش الجنرال غورو عبر بساتين دمشق الذائعة الصيت بعد معركة حامية الوطيس ضدّ قوّات الشريف فيصل في شعاب جبال لبنان الشرقيّة عندما لمح جنوده بين القرى المهجورة والمنازل المغلقة بيتاً وحيداً مفتوحاً يخفق فوقه علم فرنسيّ بينما ظهرت على شرفة الدار هيئة كائنين صغيرين متوشّحين بملاءة سوداء وملفّحين بالغموض.
إنّها آخر أرامل عبد القادر مع وصيفتها. الدار الهادئة قيد الحديث هي الملاذ الذي قضي فيه الزعيم الجزائريّ الشهير آخر أيّامه في التأمّل والصلاة بعد حياة استهلّها في صخب القتال وأمجاد المعارك.
شهد هذا البيت الريفي الذي وصف عبد القادر ظلاله ومياهه الجارية زيارة الكاتب والسياسي الفرنسي Maurice Barrès للأمير عمر (*) المثقّف المتنوّر الذي أدّى حبّه لفرنسا وصداقته لأحد نوّابها إلى شنقه بأمر من جمال باشا في ساحة المدينة.
كان هذا الترحيب بألوان علمنا وسط هذه البساتين البهيجة المهجورة ومظهر أرملة عبد القادر تتأمّل قطعات فرنسا المنتصرة في طريقها إلى عاصمة الأموييّن مسبوقةً بالفرسان الجزائرييّن مثيراً للعواطف إلى أبعد الحدود.
(*) ابن الأمير عبد القادر.
النصّ تعريب عن الصفحة ٢٢١-٢٢٢ من كتاب "دمشق" للاديبة الفرنسيّة Myriam Harry. تعود صورة بيت الأمير عبد القادر في دمّر بعدسة Gulbenck إلى عام ١٩٤١ أو قبل.
ميريام هاري في دمشق: الزيارة الثانية
مولد النبي تحت الانتداب الفرنسي
استقبال النساء في بيت محمّد علي العابد
Myriam Harry. Damas, jardin de l'Islam. J. Ferenczi & Fils 1948.
Photo Glubenck. Jamīl Rūḥī, Damascus, Palmyra, Baalbek. The Green Guide Books. Librairie Universelle, Damascus. Beirut, Catholic Press 1941.
Noël islamique sous le Mandat Français
No comments:
Post a Comment