صاحبنا السيّدة Myriam Harry وسعادة وزير المعارف ساطع الحصري في جولة على مدارس الذكور في دمشق الفيصليّة كان مسك ختامها مكتب عنبر. نأتي اليوم إلى مدارس الإناث وجولة قامت بها الكاتبة الفرنسيّة في صحبة لطيفة خانم (لم أستطع الحصول على كنيتها) التي شغلت منصب مفتّشة مدارس الفتيات في ذلك الحين. فلنستمع إلى القصّة كما روتها مبعوثة غورو:
"بدت لطيفة خانم أكثر ضجراً منّي ولو تحلّينا بقدر أكبر من الشجاعة لبقينا في الفندق نتدفّأ حول الموقد...
أطلقت لطيفة خانم تنهيدةً كلّما مررنا إلى جانب سبيل وحكّت ساقها أو كتفها ولم تتردّد في نخس ظهر الحوذي بطرف مظلّتها المدبّب كلّما ارتجّت العربة:
- من أجل الله! على مهلك.. على مهلك يا عربجي!
ثمّ استدارت نحوي فيما يشبه الغيظ:
- ما الذي يعجبك في دمشق إذاً أنت يا من أتيت من باريس؟ أنا التي ولدت في لبنان وجئت من القاهرة أجد هذه المدينة شنيعةً. هل قلت مدينةً؟ كلّا. بالأحرى قرية. قرية كبيرة يقطنها المتوحّشون والبقّ... أي... هذه المياه المثلّجة!
ثمّ عادت إلى صمتها الكئيب بينما تخضخضت بنا العربة على طريق في منتهى الرداءة تحت سيباطات من اللبن والتبن تتدلّى منها أسلاك كهربائيّةٌ ترتعد من خلال روافد خشب الحور.
- كيف تريدين ألّا تحترق دمشق مع كلّ هذا؟ خشب منخور ووحل وماء. لا أريد أن ينشد لي إنسان كائناً من كان تسابيح حمدٍ في روائع هذه المدينة! لو كنت أعلم الحقيقة التي تنتظرني لما غادرت القاهرة على الإطلاق ولكن الوطنييّن العرب أتوني يتوسّلون. يريدون أن تذهب بناتهم إلى المدرسة وأن تنظّم هذه المدارس على غرار دور التعليم الأوروبيّة ويريدون منّي أن أقطن قرب الجامع الأموي... ماذا! أتحبّين هذا الحيّ؟ هل تقولين هذا لتسخرين منّي؟ سأموت قرب برداهم (نهر بردى). طالبت بشقّة في بيت حديث في أعالي الصالحيّة.
تجوّلنا في حيّ مهجور صامت وغريب تقتصر موجوداته على مئذنة صغيرة هنا أو هناك أو على مقام ولي آيل للتداعي تحت شجرة صفصاف. حيّ فقير دون شك؟
- نعم - أجابت لطيفة خانم - من المستحيل أن يرسل أثرياء المسلمين بناتهم إلى مدرسة عربيّة. جميعهنّ ربيبات الراهبات الفرنسيّات أو الإيطاليّات.
من حسن حظّ السيّدة Harry أنّها استطاعت اختزال هذه الرحلة - التي زاد نزق لطيفة خانم في وعثاءها - إلى زيارة ثلاث مدارس من أصل إثني عشر (إجمالي مدارس البنات الحكوميّة في دمشق).
عبد الرحمن الشهنبدر والتكيّة السليمانيّة ومستقبل المملكة السوريّة
على مائدة عبد الرحمن باشا اليوسف
بؤس بنات عبد الرحمن باشا اليوسف ونسويّة الأمير فيصل
Myriam Harry. Damas, jardin de l'Islam. J. Ferenczi & Fils 1948.
ʿAbd-ar-Raḥmān aš-Šahbandar, al-Tekīyya al-Sulaymānīyyā et l'avenir de la Syrie chérifienne
Suq al-Ḥamīdīyyā: Histoire Officieuse
La Mosquée des Umayyādes ne parvient pas à impressionner Madame Harry
Où est passé al-Muṣḥaf al-ʿUthmānī?!
Chez ʿAbd ar-Raḥmān Pāšā al-Yūsuf
No comments:
Post a Comment