Sunday, August 15, 2021

محمّد علي العابد

 


أقتصر اليوم على تعريب توخّيت فيه الأمانة لما جاء في الصفحتين ٢١٦-٢١٧ من كتاب دمشق للأديبة الفرنسيّة Myriam Harry. جرى الحديث التالي في بيت محمّد علي العابد في سوق ساروجة في مطلع ثلاثينات القرن العشرين:


"دخل الآن رئيس الجمهوريّة, أكثر الرجال لطفاً وتهذيباً. كان مرتدياً بذلة رائعة من النسيج الأبيض ومعتمراً طربوشاً مسجماً مع الوردة الصغيرة في عروة سترته. انحنى على يدي في منتهى الكياسة بينما تهافتت سائر الزائرات على يده.


- يلخّص هذا المشهد الفرق بين حياتنا وحياتكم! - قالت المرأة المتزوّجة من ثلث بعل (إشارة إلى ضرّتيها اللتان استأثرتا يثلثيه الباقيين) - في الغرب يلثم الرجل يد المرأة بينما لدينا المرأة تقبّل يد الرجل. 


- هل من المسموح لك يا صاحب الفخامة أن تدخل إلى الحرملك هكذا بكل يساطة؟ قالت السيّدة Harry. 


- أستطيع وقت اللزوم أن أستعمل امتيازاتي كرئيس جمهوريّة: يمتلك "السلطان ظلّ الله على الأرض" ملء الحقّ في كشف نقاب جميع النساء. ولكن هاته الزائرات من عائلتنا وهنّ في كلّ الأحوال بالغات رشدهنّ.


- معنى هذا أنّك تنوي تحرير المرأة على اعتبار أنّك أشبه ما تكون بخليفة على سوريّا؟ 


انفجرت ليلى (ابنة العابد) بالضحك باستهتار:


- آه! ما ذكرته هو بيت القصيد! كان بابا أكثر الرجال تسامحاً وتحوّل بعد أن أصبح رئيساً للجمهوريّة إلى أكثر الطغاة رجعيّةً. كان يشاركنا أفكارنا ويطمح إلى تطوير النساء أمّا الآن فهو يريدنا ألّا نخرج مشياً على الأقدام وألّا نرتدي الفساتين الحاسرة عن نحورنا وحتّى ألّا نرفع جانباً من غطاء وجهنا لنتنفّس. إنّه السجن بعينه, أقول لك!


- نعم نعم. أومأت أمّ الفتاة (السيّدة زهراء اليوسف زوج العابد) برأسها موافقةً. 


- ابتسم الرئيس في دماثة. من الواضح أنّه يحبّ ابنته - التي تعامله كأب أوروبي - إلى درجة العبادة. 


- بالأمس كنت مسؤولاً عن نفسي فقط أمّا اليوم فعلى عاتقي تقع مسؤوليّة جميع المسلمين. العرب شعب متديّن للغاية فعلام إيذاء مشاعرهم؟ العربي متمسّك بتقاليده فلماذا التخلّي عنها وإذا تخلّينا عنها فما الذي سيحلّ محلّها؟ هل نحن متأكّدون أنّ المرأة المتمدّنة أسعد من المسلمة؟ حتّى لو كانت كذلك ما الذي يجعلنا نعتقد أنّ القيم الأوروبيّة ستنسجم مع الغرائز والطبائع العربيّة؟ يجب علينا ألّا نستعجل الأمور وأن نسمح للوقت والطبيعة أن تأتي ثمارها. 


- لا يا بابا! قالت ليلى. لن نحصل على شيء باتّباع أنصاف الحلول. لو جعلت نفسك قدوةً فسيتبعك الناس. يريد السوريّون في أعماقهم أن يفرض عليهم التقدّم الذي يرومونه والذي يخشون تحمّل مسؤوليّته."






ميريام هاري في دمشق: الزيارة الثانية


مولد النبي تحت الانتداب الفرنسي


استقبال النساء في بيت محمّد علي العابد







Myriam Harry. Damas, jardin de l'Islam. J. Ferenczi & Fils 1948. 


Myriam Harry


Dix ans après


Noël islamique sous le Mandat Français


Visite au harem présidentiel


Muḥammad ʿAlī al-ʿAbid

No comments:

Post a Comment