بإمكاننا رغم غياب الأدلّة المباشرة أن نتصّور هيئة المدينة الآراميّة أو على الأقلّ سماتها الأساسيّة.
نعرف في كلّ الأحوال نواة دمشق الأصليّة: هناك مرتفع صغير في قلب المدينة ضمن السور يهيمن على الأرض المجاورة من ارتفاع يتراوح بين الخمسة إلى الستة أمتار. من المستبعد أن يكون هذا المرتفع طبيعياً وهو على الأرجح "تلّ" اصطناعي تكوّن عبر القرون من تراكم الأنقاض الأقدم تحت المباني المستحدثة. تكرّرت العمليّة المرّة تلو المرّة حيث يهدم البناء العتيق وتسوّى الأرض كيفما اتّفق ويشيّد بناء جديد فوقه يهدم لاحقاً بدوره وهكذا دواليك. ليس تقدير قطر هذا التلّ الذي تورّم بالتدريج مع الزيادة المستمرّة في ارتفاع مستوى الأرض بالأمر اليسير وعلّه يرتفع ثلاثة إلى أربعة أمتار عن مستوى القرن الثالث الميلادي. مع ذلك من المحتمل أنّه كان أعلى مكان في المدينة acropole وأنّ قصر ملوك دمشق كان عليه ومّا يعزّز هذه النظريّة اسم هذه البقعة من دمشق لدى الفتح العربي "البريص" أي القلعة وهو مصطلح يوناني - آرامي نجده أيضاً في القدس حيث يقصد به تحديداً حصن أنطونيا.
فؤاد إفرام البستاني. دمشق الشام. المطبعة الكاثوليكيّة
No comments:
Post a Comment