Saturday, June 18, 2022

أسواق دمشق

 


عن Jean Sauvaget. 


الأسواق في المحصّلة هي سبب وجود التجمّع السكّاني والمكوّن الأساسي لما يسمّى "المدينة" تمييزاً لها عن الأحياء السكنيّة أو "البلد". تشغل حوانيت التجّار والحرفييّن الأسواق بكاملها حسب توزيع معيّن. يقصد جميع الأهالي السوق للتزّود بحاجاتهم من المصنوعات أمّا عن هيئة الأسواق فأشبه بحزمٍ من الشوارع المتوازية التي يغلقها باب على كلّ من نهايتيها ويشغل كلّ منها العاملون في حرفةٍ واحدة. تتفرّع من الشوارع أسواق مغلقة ومسقوفة تشبه المباني أو القاعات الرومانيّة القديمة (basilique) تدعى القيساريّات التي تلعب دور سوق الأوراق الماليّة (البورصة) ومنها ما اختصّ في مهنةٍ معيّنة كقيساريّة بائعي القماش أو قيساريّة الصرف. لدينا أيضاً الخانات أو الفنادق التي تتعامل في تجارة الاستيراد والتصدير والتي تربطها علاقات وثيقة مع تجارة التجزئة (المفرّق) في الأسواق المجاورة. 


من الطبيعي أن يتواجد هذا التجمّع في نفس المكان الذي شغله مركز المدينة التجاري في العصور السابقة وبالفعل تفرّعت الأسواق من الشريان الروماني المعمّد (الشارع المستقيم) بيد أنّ علاقة الأسواق الجديدة بالتنظيم القديم - بحوانيته الرحبة الموزّعة بانتظام تحت الأروقة المعمّدة الفخمة والشارع المعبّد في المنتصف حيث تمرّ الدوابّ -  واهية وبعيدة. اقتصرت أسواق القرون الوسطى على أزقّة غير معبّدة بالكاد تحافظ على مسار مستقيم لا يتجاوز عرضها متراً إلى ثلاثة أمتار مغطّاة بالحصير أو الألواح الخشبيّة أو الطين أمّا الحوانيت فضئيلة إلى درجة أنّ بعضها أقرب إلى الخزانة منه إلى الدكّان. هذه الأسواق هي مكان التبادل والسير والورشات الحرفيّة يتدافع عبر أزقّتها خليط عجيب من المشترين والعابرين والباعة المتجوّلين والدلّالين الصاخبين والشحّاذين والحمّالين والدوابّ. 


كلّ الدلائل توحي أنّ الشارع الروماني القديم ضمر وانكمش وضغط من الجانبين على حساب الأعمدة والطريق المعبّدة بينها.









فؤاد إفرام البستاني. دمشق الشام. المطبعة الكاثوليكيّة


بعد سقوط الأموييّن


أحياء الشام في القرون الوسطى


خانات دمشق





Jean Sauvaget. Esquisse d'une histoire de la ville de Damas. Revue des Études islamiques, 1934, p. 422-480.

No comments:

Post a Comment