لا يمكن التعويل على أمطار إقليم مشق لا في كمّيتها ولا في انتظام هطولها وهي عموماً شحيحة للغاية (٢٥٠ إلى ٣٠٠ ميليمتر وسطيّاً) ولا يتجاوز الفصل المطير ثلاثّة أشهر سنويّاً. الربيع والخريف في منتهى القصر وبالمقابل يسود صيف سوريّ لا يرحم من نيسان (أبريل) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) يتميّز بالجفاف المطلق والقيظ تتجاوز فيه الحرارة خلال النهار خمساً وثلاثون درجة في الظلّ. تزيد الرياح الغربيّة العنيفة التي تجذبها الصحراء العربيّة من معاناة البشر خلال الأشهر الحارّة.
المناخ إذاً يتميّز بفترة رطبة شديدة القصر تتخلّلها أمطار قليلة في أحسن الأحوال وفترة بالغة الطول من الجفاف تتباين فيها الحرارة إلى درجة كبيرة بين النهار والليل. باختصار المناخ صحراوي يخفّف من غلوائه ارتفاع الإقليم من جهة وقربه من البحر من جهة ثانية.
من غير المنتظر - والحالة هذه - أن نجد ما يكفي من النبات لتلبية الاحتياجات الحياتيّة للحيوان والإنسان. مع ذلك نجح الأهالي في انتزاع قطعة أرض من قلب البادية ليجعلو منها أحد أغنى الأقاليم الزراعيّة في آسيا الغربيّة. تعيّن عليهم - لتحقيق هذه المأثرة - أن يستعملو بأفضل طريقة ممكنة، ليس ذكائهم وحيّويتهم فحسب، وإنّما أيضاً المورد الوحيد الذي قدّمته الطبيعة لهم ألا وهو نهر بردى ومياهه العذبة الوفيرة.
فؤاد إفرام البستاني. دمشق الشام. المطبعة الكاثوليكيّة
No comments:
Post a Comment