Tuesday, June 28, 2022

١٩٢١ -١٩٣٣

 


رأينا - عن Jean Sauvaget - كبف هبّت رياح الحداثة على دمشق مع ١٨٣٢ وإبراهيم باشا. رأينا أيضاً أنّه قسّم المائة سنة بدايةً من ذلك التاريخ إلى فترتين تميّزت أولاهما بتأثير أوروبيّ غير مباشر عن طريق وسطاء محلييّن. انتهت هذه الفترة الأولى مع أفول نجم العهد الفيصلي. فلنر الآن ما كتبه العالم الفرنسي عن الفترة الثانية:   


بدأت الفترة الثانية عام ١٩٢١ مع بداية الانتداب الفرنسي في دمشق وتسارع فيها تطوّر المدينة باتجاه الغرب إذ من جهة شارك الفرنسيّون في إدارة الإقليم ومن جهة ثانية استوطن عدد منهم في المدينة. صحيح أنّ المستوطنة الفرنسيّة كانت قليلة عدديّاً ولكنهّا كانت قويّةً نظراً إلى ثرائها النسبي وتضامنها والمهابة الاجتماعيّة والثقافيّة التي تمتّعت بها. 


توسّعت على حين غرّة الأحياء التي لم تتجاوز المرحلة الجنينيّة حتّى بداية عهد الانتداب: أي الواقعة بين المدينة القديمة والصالحيّة. كان هذا التوسّع بسبب الوجود الفرنسي ولأجله وفاق كافّة التوقّعات. حاكت هذه الأحياء الجديدة (الشهداء وعرنوس والجسر) مظهر المدن الغربيّة وشوارعها العريضة المستقيمة وغاب الفصل الإثنيّ فيها إذا سكن الأوروبيّون والسوريّون جنباً إلى جنب. حتّى مسيحييّ البلد تركوا بملء إرادتهم مركزهم القديم في باب توما - مستفيدين من استتباب الأمن - ليسكنوا الأحياء الجديدة أكثر فأكثر. بنيت الحوانيت من أقصى محور الأحياء الجديدة (طريق الصالحيّة) إلى أقصاه وطرح هذا الشارع لبوس السوق الشرقي ليصبح شارعاً تجاريّاً أوروبّي الطراز تجاورت في محلّاته البضائع والخدمات من كلّ صنفٍ ونوع. 


تشير الظواهر بعدم وجود ما يستطيع الصمود في وجه هذه الحركة بدلالة احتكار الأحياء الجديدة خلال سنواتٍ قليلة لكافّة المكوّنات الحديثة للحياة العمرانيّة مع انتقال جميع مقوّمات الحضارة المعاصرة (المديريّات والمصارف والفنادق والمشافي وهلمّجرّا) إليها. إذاً تكوّنت مدينة جديدة بالكامل إلى جانب المدينة القديمة أمّا عن هذه الأخيرة فلم يبق حول أسواقها التي دخلت طور الاحتضار إلّا بضعة منشآت تنتمي إلى عهد مضى (البطركيّات ومحكمة القاضي) أضف إليها المعهد الفرنسي (في قصر العظم) وأفقر طبقات الشعب.







Jean Sauvaget. Esquisse d'une histoire de la ville de Damas. Revue des Études islamiques, 1934, p. 422-480.


No comments:

Post a Comment