أسبقيّة دراسة حمّامات دمشق للفرنسييّن ما في ذلك أدنى شكّ ولا تزال دراسة Écochard و Le Cœur الصادرة في مطلع أربعينات القرن الماضي إلى اليوم مرجعاً شاملاً وفريداً بانتظار ما يحلّ محلّه.
أتى باحث فرنسيّ آخر عام ١٩٦١ ليدلي بدلوه ويعطينا فكرةً عن وضع حمّامات المدينة كما آل إليه بعد قرابة عشرين عاماً من الدراسة المذكورة أعلاه. المؤلّف قيد الحديث هو السيّد Jacques Ghislain de Maussion de Favières أمّا عن المقال فقد نشر في العدد السابع عشر من مجلّة الدراسات الشرقيّة (الرابط أدناه). أبدأ بمحاولة التعريف بالكاتب.
ولد السيّد de Favières عام ١٩٢٩ ووافته المنيّة في الثامن عشر من كانون الثاني (يناير) عام ٢٠١٨ عن عمر ٨٩ سنة. أمضى شطراً لا بأس به من حياته في الشرق الأدنى ودرّس في جامعة دمشق وغيرها. بالرجوع إلى صفحة مرثاته على الشبكة نجد أنّه تزوّج من سيّدة اسمها نوال ساعور؟ Saour وهي على الأرجح لبنانيّة بدلالة كنية إثنين من أزواج بناته (كرباج وعريضة؟ Arida). صدر له عن دار المشرق عام ١٩٧١ كتاب بعنوان "دمشق وبغداد عواصم وأراضي الخلفاء" بالإنجليزيّة والفرنسيّة كتب عنه Nikita Élisséeff نقداً في إحدى الدوريّات. قد أتعرّض لهذا الكتاب لاحقاً.
عوداً على حمّامات مشق قبل ستّين عاماً عن de Favières:
حمّامات دمشق العامّة موضوع مهمل إلى حدّ ما مقارنةً مع العديد من الأوابد التي وفّرها الزمن ونشاطات الإنسان في المدينة وهذا رغم أهميّتها ككلّ وسحرها الذي لا ينكر. الحمّامات أحد مفاخر المدينة الخمس حسب الوليد بن عبد الملك ومع ذلك لم تنل نصيبها من العناية والرعاية ولربّما كان سبب ذلك صعوبة دخول الزائر الأجنبي إليها على الأقلّ للوهلة الأولى. لا تزال الحمّامات محتفظةً - بعد عشرين عاماً من دراسة Écochard - بقيمتها كوثائق تاريخيّة. ليس ذلك فحسب، لا تزال مطارحة Écochard في دراسة "أحد المكوّنات الجوهرية للمدينة الإسلاميّة" مطلوبةً اليوم كما في أيّ وقت مضى. أضف إلى ذلك أنّ قلق Écochard على مستقبل الحمّامات كان له أمس - ويبقى له اليوم - ما يسوّغه. من هنا رأيت من المفيد أن أتعرّض إلى الوضع كما هو الآن (أي ١٩٦١) مقارنةً مع القائمة الشاملة والمعلومات المختلفة في دراسة Écochard + البحث الأحدث الذي قام به صلاح الدين المنجّد. أضف إلى هذا وذاك خبرتنا الشخصيّة إلى اليوم عن حمّامات المدينة.
الصورة الملحقة بعدسة السيّد آزاد بوياجيان من حمّام الملكة قبل ستّين عاماّ ونيّف ونرى فيها تلقيم الموقد بالمحروقات (نشارة الخشب وروث الحيوانات والتبن).
للحديث بقيّة.
Jacques de Maussion de Favières. Note sur les Bains de Damas. Bulletin d'Études orientales T. XVII 1961-1963 (pp 121-131).
No comments:
Post a Comment