اختم في منشور اليوم سلسلة المختارات من مقال Jean Sauvaget "الخطوط العريضة لتاريخ مدينة دمشق" التي شاركتها خلال الشهر الماضي. الصورة الجويّة الملحقة (الطيران العسكري الفرنسي) من نفس المصدر ونرى فيها بساتين دمشق وأشجار الفاكهة محاظةً بالأراضي الجرداء. راجع العلّامة René Dussaud مقال Sauvaget في مجلّة Syria (الرابط أدناه) مركّزاً على التفاعل بين البدو والحضر كخلفيّة تاريخيّة.
ليس لدمشق منفذ مباشر سهل السلوك إلى البحر. نجم عن هذه المعضلة أنّ ارتباط المدينة كان على الدوام أكثر مع الشرق منه مع المتوسّط وأنّ البدوي هيمن على تاريخها. تغيّرت علاقة المدينة بالبدو حسب تبدّل الظروف: تارةً يقصدها ابن القفار بهيئة شيطان بائس رثّ الثياب يتضوّر جوعاً ويرهب جوّ دمشق التي أكرهته الضرورة على المجيء إليها لمقايضة مواشيه لقاء قمحها ومصنوعاتها، وطوراً يأتيها بلبوس سيّد مدمّر جشع لا يعرف الرحمة أو الشفقة. وجود أبناء البادية على أبواب دمشق كان بالنسبة لها إذاً مصدر منفعة وبنفس الوقت خطراً داهماً تعيّن على حكوماتها المتتالية درئه وتجنّبه.
فؤاد إفرام البستاني. دمشق الشام. المطبعة الكاثوليكيّة
No comments:
Post a Comment