Tuesday, December 27, 2022

هل كان معبد بيت الشمس يهوديّاً أم وثنيّاً؟

 


ما الذي أراد فنّان دورا أوروپوس تصويره في لوحة الكنيس الثامنة عشرة؟ نقترح هنا تفسيرين أوّلهما أنّ ما نراه هو هيكل سليمان على اعتبار أنّه الصرح العظيم الوحيد الجدير بإدراجه ضمن لوحات الكنيس. اعتبر الأقدمون من مؤلّفي اليهود الهيكل نموذجاً مصغّراً للكون وبالتالي فلا غرابة في وجود زخارف فلكيّة ولا بأس في النشوز عن الأعراف إلى حدّ ما (كما رأينا في أسلوب تضحية الثور في اللوحة الثانية عشرة). من المحتمل أنّ هذه الحريّة في التصوير كانت متعمّدة ويمكن افتراض ما يسوّغها في هيكل أورشليم. 


يثير التدقيق في تفاصيل اللوحة صعوباتٍ جمّةً في تبنّي هذا التفسير حيث أنّ التبريرات أعلاه لا تكفي على الإطلاق لشرح التناقض الصارخ بين زخارف اللوحة وتوزيعها من جهة، وبين نظيرتها في الهيكل اليهودي العظيم من جهة ثانية. نصّ الكتاب المقدّس صريح فيما يتعلّق بوصف الهيكل ومخطّطه العامّ وزخارفه وأثاثه ممّا لا يدع للخيال أي مجال في مخاطبة جمهور على أتمّ معرفةٍ فيما يجب أن يكون. لو أراد الفنّان أن يصوّر الهيكل فعلاً فمن المؤكّد أنّه سيشمل في لوحته الشمعدان السباعي (المينورة أو المنارة) أمام الحرم كما فعل في لوحة المسكن أضف إليه المذبح وآنية الوضوء وسائر الأدوات المميزّة. 


قد يقول أحدهم أنّ الفنّان أراد رسم هيكل هيرودس (أي توسيع الهيكل الثاني الذي حلّ محلّ هيكل سليمان) ولكن هذا مرفوض أيضاً استناداُ إلى يوسيفوس الذي يخبرنا عن عدم وجود أدنى تصوير لكائن حيّ في هذا الهيكل بما في ذلك النباتات. كادت ثورة أن تندلع عندما علّق هيرودس نسراً أراده قرباناً فوق الباب الكبير فما بالك لو جمع - كما في لوحات دورا - الأوثان التي كانت أكثر الموبقات مجلبةً لسخط الربّ كالعجل الذهبي وعشتروت وبعل؟ علّ اللوحة لا تمثّل هيكل القدس (الأوّل أو الثاني) ولا حتّى الهيكل المثالي في رؤيا حزقيال (الإصحاح الأربعون إلى الثالث والأربعين) وإنّما بالأحرى هيكلاً مستقبليّاً لأورشليم يعكس تأثير وثنيّةٍ متجدّدة على الدين اليهودي؟


يسمح ترتيب اللوحات بتبنّي تفسير آخر. لوحة المعبد - الهيكل هي الأخيرة في السلسلة الآتية:


١. الفتى صموئيل في شيلوه.

٢. المعركة بين الإسرائيلييّن والفلسطينييّن وسبي تابوت العهد.

٣. سقوط صنم داجون والتابوت يؤمّ صوب بيت الشمس.  


من المنطقي أن نستنتج أنّ الموضوع التالي ما هو إلّا استمرار لهذا السرد أو بعبارة ثانية نهاية الإصحاح السادس من صموئيل الأوّل حيث نقرأ عن المكان الذي يتوجّه إليه التابوت بدلالة العربة في اللوحة الثالثة التي تبدو وكأنّها تقترب من المعبد. رأينا هذا الترابط والتتالي في مشاهد مختلفة من لوحات الكنيس سابقاً أضف إلى ذلك أنّ نصّ الكتاب المقدّس يخبرنا دون التباس أنّ البقرتين اتّجهتا - بمعجزة أو بقدرة قادر - نحو "بيت الشمس" = "معبد الشمس". من الطبيعي أنّ الفنّان استمدّ إلهامه من معابد الشمس التي يعرفها في غياب أي معلومات من أي نوع عن مظهر معبد بيت الشمس في الكتابات الدينيّة. 


يمكن مع ذلك أن نتساءل عن الأسباب التي دفعت الفنّان أو الحاخام الذي أشرف عليه لإعطاء معبد وثني مكاناً بهذه الأهميّة في الكنيس خصوصاً أنّ الكتاب المقدس بالكاد ذكر الموقع باستثناء الإشارة إلى قحة أهله (صموئيل الأوّل الإصحاح السادس الآيتان ١٩-٢٠ عندما ضرب الربّ أهل بيتشمس "ضربة عظيمة" بعد أن تجاسروا بالنظر إلى التابوت). 


للقارىْ أن يختار الشرح الذي يعتبره الأكثر احتمالاً.









بيت الشمس


بيت الشمس: الباب المركزي


بيت الشمس: البابان الجانبيّان 


أسوار بيت الشمس بين الصورة والأسطورة


أعمدة الحكمة السبعة






Comte du Mesnil du Buisson. Les Peintures de la Synagogue de Doura-Europos, 245-246 après J.-C., Roma, Pontificio Istituto Biblico. Piazza della Pilotta, 35.  1939.






No comments:

Post a Comment