Sunday, December 4, 2022

هارون والمسكن: الخاتمة

 


تعرّضنا لوصف هارون في هذه اللوحة وكما نرى يرافقه فيها خمسة أشخاص ثيابهم وطريقة تصفيف شعرهم فارسيّة الطراز. تتدلّى ستائر فوق الأشخاص قرب الزاويتين العلويّتين كالموجودة خلف رأس الحبر الأعظم. تتراوح ألوان هذه الستائر بين الأخضر والأحمر والوردي وتتخلّلها خطوط سوداء. 



يحيط أربع أشخاص بهارون: إثنان على كلّ من جانبيه. يحمل هؤلاء الأشخاص نفيراً (رقم ٣ في لوحة الرسوم) أو بالأحرى قرناً في يدهم وكأنّهم على وشك النفخ في هذه الأداة المعمولة - على ما يبدو - من قرن طبيعي لونه أقرب إلى الأشقر وتحفّ بصيوانه عصابة فضيّة. ليس من السهل تحديد النصوص التي ألهمت الفنّان. يخبرنا سفر عدد (الإصحاح العاشر) أنّ موسى صنع بوقين من الفضّة بناءً على أمر الربّ اقتصر استعمالهما على الكهنة حصراً بهدف جمع الناس وفي الأعياد وأثناء تضحية القرابين. 



يبدو الشخص الأصغر إلى جانب المسكن متّجهاً نحو هارون وممسكاً بيسراه شيئاً أبيض اللون أشبه بالخبز منه بالنقد. نعاين نفس الإيماءة في اللاوي على يسار الناظر (الرقم ٤ في لوحة الرسوم). يظهر كلاهما على وشك تقديم قربان من خبز دون خمير (لاويين الإصحاح الثاني الآيات ٤-١٣). 



بقي لدينا الشخص في أسفل اللوحة على يسار الناظر في سبيله لتضحية ثور. يمسك هذا الشخص بيسراه قرون الحيوان ويشهر بيمناه فأساً يستهدف به جبهة الثور. لا يتّفق هذا المشهد المثير للاهتمام إطلاقاً مع ممارسات الأضاحي اليهوديّة القديمة. مكان القربان في اللوحة خارج السور خاطئ والصواب كونه في الباحة أمام المسكن Tabernacle وشمال المذبح autel. يتعيّن أيضاً أن يضع المضحّي يده على رأس الضحيّة (لاويين الإصحاح الأوّل الآية الرابعة) وأن يذبح الحيوان تحديداً باستعمال مدية وليس بضربه على جبهته بالفأس. بعد ذلك يجمع الدم بمنتهى العناية. 


من الواضح أنّ الفنّان اكتفى بنموذج استعاره من السوابق الكلاسيكيّة (أي اليونانيّة - الرومانيّة) إذ من المعروف والمألوف مصادفة تضحية الثور بالفأس في الرسوم الأيقونيّة الرومانيّة. في رأينا أنّ الفنّان لم يتوخّى الدقّة في هذا المشهد (مواضيع يهوديّة + ثياب فارسيّة + قرابين على غرار الرومان) وإنّ ما أراده لا يتعدّى تلخيص رتابة الحياة الدينيّة والشعائر في إسرائيل بكهنوتها وأضاحيها المستمرّة وأعيادها في إطار الحرم ومقدّساته. اللوحة تركّز بالذات على طقوس العبادة المتعلّقة بالقرابين. 


ما يلفت انتباهنا خصوصاً في لوحة هارون هذه هي الطريقة التي استعمل فيها الفنّان النصوص المقدّسة عندما استعاض عن محاولة تصوير السرد التاريخي بترجمة متحرّرة ومجدّدة لها حصيلتها عمل يسهل فهمه من قبل معاصريه. اقتصر اللجوء إلى نماذج الماضي على الضروري منها لشرح الشعائر اليهوديّة في ذلك العهد وتبريرها. باختصار رسمت هذه اللوحة بهدف التعليم الديني.







اللوحة الثانية عشرة: هارون والمسكن


المسكن


تابوت العهد، الحجاب، المنارة، المذابح، والأضاحي


هارون




Comte du Mesnil du Buisson. Les Peintures de la Synagogue de Doura-Europos, 245-246 après J.-C., Roma, Pontificio Istituto Biblico. Piazza della Pilotta, 35.  1939.





No comments:

Post a Comment