Thursday, December 15, 2022

داجون وأدونيس


رأينا أمس كيف أسقط الربّ صنم داجون مرّتين وهشّمه عقاباً للفلسطينييّن على سبي تابوت عهد الربّ واحتجازه في المعبد الوثني. رأينا أيضاّ أنّ سفر صموئيل الأوّل (الإصحاح الخامس: الآية الرابعة) ذكر أنّ ما بفي من داجون - بعد قطع رأسه ويديه - هو "بدن السمكة فقط". هل يعني ذلك أنّ الوثن كان بشكل سمكة؟ هكذا فسّر البعض ترجمة الكتاب المقدّس اللاتينيّة (Vulgate) ولكن هذا لا يدلّ بالضرورة أنّ الجميع تبنّوا هذا التفسير الذي خالفه الفرنسي du Mesnil du Buisson قائلاً أنّ داجون بالأحرى يمثّل إله النبات وتجدّد الطبيعة في الربيع (بعد موتها في الشتاء كما في الفصح) في مجتمعات الشرق الأدنى الزراعيّة القديمة شأنه في ذلك شأن أوزوريس وتمّوز وكثير غيرهما.  



الأسطر التالية تعريب عن النصّ الفرنسي:


شاءت صدفة مثيرة للفضول أن يكون معبد أدونيس مجاوراً لكنيس دورا أوروپوس وبالتالي تحت بصر الفنّان أو الفنّانين الذين عهدت إليهم مهمّة رسم اللوحات. أدونيس هو إله النبات لدى اليونان والرومان وتحديداً الحصاد أو حتّى سنبلة القمح عينها. يرجح أنّ فنّان الكنبس استمدّ إلهامه من أدونيس الذي يمكن بسهولة أن نتعرّف على صورته في الصنم الذي صرعه يهوه ومن شبه المؤكّد أنّ الصيحات التي تمزّق الأفئدة وإنشاد النساء الحزين وبكائهنّ على الإله في المعبد المجاور كانت مسموعةً في الكنيس. أدان حزقيال (الإصحاح الثامن الآية الرابعة عشرة) هذه الممارسات كأعظم الرجاسات في عين الربّ. 


تساعدنا هذه الملاحظات في تفسير اللوحة قيد الحديث. نرى الإله الساقط مرّتين في مظهر اليافع الذي يرتدي زيّاً "بربريّاً" (فارسيّاً أو سوريّاً). أكمام السترة طويلة وضيّقة ويحيط نطاق بالخصر. الثوب فضفاض يمكن ارتدائه من الرأس، ينزل تحت الركبتين وتحته سروال عريض فوق الكاحل. الحذاء من الجلد الطري. يثبّت مشبّك المعطف على طرف الصدر الأيمن ويغطّي هذا المعطف الكتفين ثمّ يسبل إلى الخلف. الشعر نافش قليلاً على الطريقة الفارسيّة. 


هذه هي الصورة التي تركها لنا الفنّان للزيّ الشائع في فلسطين وهو مختلف بشكل واضح عن الزيّ الملكي الفارسي الذي تكرّر عدّة مرّات على النسق الثالث كما سنرى. يمسك الإله الفتيّ في يمناه رايةً في نهايتها كرة ثّم حربّة بينما تقبض يسراه على هراوةٍ بالغة الطول نعتبرها هنا سلاحاً للصيد أو باليونانيّة λαγωβόλο إذا كان المعني فعلاً أدونيس. لا نعتقد أنّ السلاح يمثّل سيفاّ وفي كلّ الأحوال ليس الرداء بالعسكريّ على الإطلاق.







خروج التابوت من بيت داجون وبلاد الفلسطينييّن


سقوط داجون





Comte du Mesnil du Buisson. Les Peintures de la Synagogue de Doura-Europos, 245-246 après J.-C., Roma, Pontificio Istituto Biblico. Piazza della Pilotta, 35.  1939.



No comments:

Post a Comment