تعرّضنا لأبواب بيت الشمس (اللوحة ١٨ في كنيس دورا أوروپوس) ونأتي اليوم إلى الأسوار.
تظهر في الصورة سبعة أسوار خلف الأبواب وبينها. لهذه الأسوار شرّافات وهي منضّدة على سبعة أنساق أو مستويات الواحد خلف الآخر. السور الأسفل منخفض بالكاد يصل إلى منتصف ارتفاع الباب المركزي الكبير بينما يقع سور الخلفيّة في أعلى اللوحة. قد يوحي هذا الترتيب للبعض أنّ هذه الأسوار تحدّد مستوياتٍ متتالية ولكنّنا نرجّح أنّ الفنّان أراد تصوير أسوار تتحلّق الواحد تلو الآخر حول المركز وفقاً لتقنيّة عتيقة. طليت هذه الأسوار بالألوان التالية من الأسفل إلى الأعلى (١):
- أحمر دموي.
- أسود.
- بنّي مصفرّ.
- أبيض.
- أبيض.
- رمادي لؤلؤي.
- وردي إلى بنفسجي فاتح.
خلفيّة الجدار السابع الأكثر ارتفاعاً ترتقاليّة وبالكاد مرئيّة في أعلى اللوحة.
هذه الصورة مثيرة للاهتمام إلى أقصى درجة كمرآةٍ لفكر بلاد ما بين النهرين عن تنظيم المعابد الفلكيّة وخصوصاً الشمسيّة. لا جدال أنّ الأسوار السبعة رمز للكواكب السبعة إذ يشير الفيلسوف سلسوس إلى وجوب اختراق سبعة أبواب لمن أراد الوصول إلى أعلى السموات. هذه الأبواب معمولة من معادن مختلفة وتمثّل الكواكب. يخبرنا هيرودوت عن نظام مماثل في اكباتانا (حاليّاّ همذان) عاصمة الميدييّن:
"يطوّق السور السور داخله وهكذا دواليك باتّجاه المركز وهي مبنيّة مع مراعاة ألّا يتجاوز ارتفاع السور ارتفاع السور المجاور له إلّا بعلوّ الشرّافات. يأخذ الموقع شكل التلّ ممّا يسهّل هذه العمليّة. شرّافات السور الأوّل مطليّة باللون الأبيض والثاني بالأسود والثالث بالأرجواني والرابع بالأزرق والخامس بالأحمر البرتقالي أمّا السورين الأخيرين فشرّافات أحدهما مفضّضة وثانيهما مذهّبة". (تاريخ هيرودوت).
يماثل هذا التنظيم تماماً ما نراه في دورا باستثناء ترتيب الألوان.
اتّبع نفس أسلوب اكباتانا في تلوين مستويات زقورة خورسباد.
هناك ما يشير إلى أنّ فنّان دورا اعتمد لون الشمس في المستوى الثالث في إطار توجيه الحرم الشمسي cella (لنا إليه عودة) نحو منتصف اللوحة أي بين السور الثالث والسور الرابع أو -بعبارة ثانية - فوق السور الثالث وبالتالي وجب طلاء هذا الأخير باللون المخصّص للشمس.
(١) قد تبدو الألوان في الصورة مغايرة لوصف المؤلّف وهنا يحسن التذكير أنّه شاهدها بأمّ عينه لدى اكتشافها في ثلاثينات القرن العشرين وأنّ صور ذلك الحين كانت بالأبيض والأسود. من المحتمل أنّ الألوان الأصليّة تغيّرت خلال التسعين سنة الماضية ولا أعلم ما هي الاحتياطات المتّخذة لصيانتها. شكى بعضهم مؤخّراً من غياب صور ملوّنة حديثة جيّدة للّوحات وعدم وجود التسهيلات الضروريّة لتلافي هذا النقص في سوريّا.
No comments:
Post a Comment