ليس تفسير هذه اللوحة الكبيرة بالأمر السهل وهناك خلاف فيما إذا كان الشخص فيها موسى أم صموئيل أم إرميا أم عزرا. في رأينا أنّ هذا الأخير هو الأكثر احتمالاً بدلالة الإصحاح السابع من نحميا (الآيات الأولى إلى الثامنة) التي تصف كيف جلب عزرا - الكاتب والكاهن - معه من السبي البابلي كتاب شريعة موسى وقرأه- واقفاً على منصّة - في الساحة العامّة على تجمّع إسرائيل بكامله عندما فتح الكتاب تحت سمع وبصر الشعب وتلى الشريعة ثمّ فسّرها اللاويون. جرى هذا الاحتفال خلال عيد العرش الأوّل بعد العودة من السبي ودامت مراسم القراءة ثمانية أيّام.
تمثّل هذه القراءة بالنسبة لنا الأساس الذي ارتكزت عليه الطقوس وتترافق مع تجديد العهد مع الله وتكريسه من قبل زعماء إسرائيل. يعتبر عزرا مؤسّس الكنس وهو حسب اليهود في رواية القرآن "عزير ابن الله" (سورة التوبة الآية الثلاثون).
من السهل بناءً على ذلك أن نستنبط كون اللفافة الكبيرة في اللوحة التوراة أو أحد أجزاءها كما تقرأ في الكنيس علنيّاً إلى اليوم. أوحي النصّ المقدّس إلى عزرا بطريقة إعجازيّة كما في سفر عزرا الثاني (الغير قانوني apocryphal).
من الممكن أن يشير الصندوق لدى قدميّ عزرا إلى كونه كاتب أو مؤلّف لبعض نصوص الكتاب المقدّس بيد أنّ هذه العلبة الكبيرة التي لا ريب في احتوائها على لفافات التوراة ، تمثّل في زعمنا نموذجاً لتابوت التوراة (أرون قدش) أي خزانة الشريعة في الكنيس. صوّر الفنّان - مزيداً منه في الرمزيّة عندما رسم أعلى العلبة - الصندوق بشكل مستدير كما فعل في رسوم تابوت عهد الربّ في اللوحات المجاورة وبنفس المنطق نستطيع أن نعتبر تابوت العهد نموذجاً لتابوت التوراة. مع ذلك - ولإزالة أيّ التباس - حرص الرسّام على إعطاء اللون الأبيض للعلبة تمييزاً لها عن اللون الأصفر الذي أعطي دائماً لتابوت العهد ليعبّر عن كسوته الذهبيّة. من المعروف أنّ تابوت العهد اختفى في أيّام إرميا (مكابييّن الثاني الإصحاح الثاني الآيات الرابعة إلى الثامنة).
بالنسبة للوشاح الذي يغطّي العلبة فلا شكّ أنّه يرمز إلى قدسيّتها كما في حال تابوت العهد إذ من المعروف أنّ هذا الأخير غطّي أثناء نقله بحجاب سجف من الأسمانجوني كما في سائر أدوات المسكن المقدّسة التي بسط عليها ثوب قرمز (عدد الإصحاح الرابع الآيات الخامسة إلى السابعة، التاسعة، و ١١-١٤).
رأينا فيما تقدّم كيف تميّز فنّان النسق الثاني في الكنيس بالربط بين الحرم في زمنه من جهة وماضي إسرائيل المجيد من جهة ثانية.
Comte du Mesnil du Buisson. Les Peintures de la Synagogue de Doura-Europos, 245-246 après J.-C., Roma, Pontificio Istituto Biblico. Piazza della Pilotta, 35. 1939.
No comments:
Post a Comment