Tuesday, August 29, 2023

حصن غورو أم حصن غوايبيه؟




رأينا أمس كيف استهدفت المدفعيّة الفرنسيّة في تشرين أوّل أكتوبر ١٩٢٥ أحياءَ معيّنةً في دمشق. ذكرت السيّدة Poulleau أنّ القذائف أُطْلِقَت من القلعة وحصن غورو مفترضةً أنّ هذا الأخير معروفٌ وبالتالي لا لزوم لتحديد موقعه أو إعطاء أي تفاصيل عنه من أي نوع. 


الموضوع أبعد ما يكون عن هذه البساطة كما اتّضح لي من الرجوع إلى عدّة مصادر ورقيّة ورقميّة تبيّنَ على أثره أن المعلومات عن هذا الحصن شحيحة للغاية وناقصة إلى أبعد الحدود. أين يقع؟ متى بُنِيَ؟ من بناه؟ متى هُدِم؟ هل هناك وصف له - ولو باختصار - في مصدرٍ ما؟ 


حتّى اسم الحصن مختلفٌ عليه: تَجِدْهُ في المراجع الفرنسيّة والإنجليزيّة تحت أكثر من عنوان (Fort Gouraud أو Fort Goybet) أمّا أذا أردنا البحثَ عنهُ في الكتابات العربيّة فمنها ما يذكره قلعةً ومنها ما يسمّيه حصن غورو أو غوايبيه أو بكل بساطة قلعة أو حصن المزّة (البعض يخلط بينه وبين سجن المزّة الذي بني لاحقاً). لم يكبّد أحدٌ على علمي نَفْسَهُ عناءَ ذكر مصادِرِه. 


سمّته الصورة الملحقة Fort Goybet ومنها نستنتج أنّه أشرَفَ على خانق الربوة. هناك إشارة إضافيّة إلى موقعه في إحدى رسائل اليسوعييّن المؤرّخة في الخامس والعشرين من كانون أوّل ديسمبر ١٩٢٥ (صفحة ٢٨٣القصاصة الملحقة) نصُّها الآتي:



"تابعنا جولتَنا إلى أن وصلنا إلى الصالحيّة. نستطيع من نهاية خطّ الترام إلقاء نظرةٍ شاملةٍ جميلة للغاية على المدينة تتلاشى فيها - نظراً للمسافة الفاصلة - آثارُ التدمير. لا تزال دمشق قائمةً ومن الواضح أنّ المزيد من العمل ينتظر حصن غورو الذي نَلْمَحهُ على يميننا إذا أراد أن يهدِمَ المدينةَ برمّتها". 


"نهاية خطّ الترام" = آخر الخطّ أو ساحة خورشيد أو ساحة النيربين وما لَمَحَه اليسوعيّون "على يمينهم" لا بدّ وأن يكون الجبل الذي يحتلّ قمَّتَه حاليّاً قصر الشعب. 


هذا بالنسبة للموقع أمّا بلنسبة للباني وتاريخ البناء فلم أحصل على أي معلومات. لا ذكر للقلعة - الحصن في كتاب الدكتور Weber الموسوعي (المختصّ بدمشق أواخر العهد العثماني) ولا Wulzinger & Watzinger (لربّما لأنّ المبنى ليس "أثريّاً" أو علّ ذلك لكونه "خارج المدينة") ولا لدى قتيبة الشهابي، عبد العزيز العظمة، أو علي الطنطاوي. يوحي طراز البناء أنّه حديثٌ نسبيّاً (النصف الثاني للقرن التاسع عشر على أقدم تقدير) ولكنّنا لا نملك صوراً بدقّةٍ يعتدّ بها وصُورُهُ عموماً نادرة للغاية ما وجدته منها يقلّ عدداً عن أصابع اليد الواحدة جميعها مأخوذةٌ من الخارج وعن بُعد. 


هل لنا أن نفترضَ أنّهُ - أو ما تبقّى منه - هُدِمَ لدى بناء قصر الشعب؟ صُمّمَ هذا الأخير في النصف الثاني للسبعينات وأُنْجِزَ عام ١٩٩٠. قرأت عنه عدّة مقالات بالعربيّة والإنجليزيّة والفرنسيّة لم يذكر أحدٌ منها وجود بنيةٍ أقدم على الموقع على الإطلاق. 


مؤسف حقّاً. حصن - قلعة غورو كان قائماً على مدخل دمشق الغربي - وليس في المرّيخ - وموقعُهُ الشامخ يضمن أن يراه أي زائر للمدينة ناهيك عمّن عاش فيها. ما السبب في صَمْتِ المؤرّخين وأصدقاء دمشق عنه؟    


الصورة الثلاثة أدناه عن المتحف الفوتوغرافي السوري على الفيس مع خالص الشكر. 















Prise de Damas en 1920 par le général Goybet













No comments:

Post a Comment