الوضع العام في السادس والعشرين من أيّار مايو عام ١٩٢٦
ساد الهدوء في محيط السويداء واستطاعت العربات، العسكريّة منها والتجاريّة، أن تتنقّل دون أن يتعرّض لها كائن من كان. الماء جارٍ في سُبُل العاصمة الدرزيّة وفي سبيله إلى تعبئة خزّانات القلعة. سُمِحَ لسكّان السويداء، بعد إصلاح القناة، بالعودة إلى بيوتهم بما فيهم أربعين من عُصَاة الأمس ممّن سلّموا بنادقهم وادّعوا أنّهم سيأتون بنسائهم وأطفالهم خلال بضعة أيّام ويكونون من الآن فصاعداً رعايا خاضعين لسلطات الانتداب.
بالمقابل، لم تكن المعلومات التي وصلتنا من المقرن الجنوبي والشرقي مطمئنةً إلى هذه الدرجة:
- اضطرّت إحدى طائراتنا المكلّفة بالاستطلاع لسبب ما إلى الهبوط في طربا في أعالي الهضاب وثمّةَ قتل القرويوّن طاقمها، الطيّار والمراقب، دون أن يختلج لهم عرقٌ. أرسلنا على الفور إنذاراً إلى شيخ القريّة أن يسلّمنا القَتَلة تحت طائلةِ أشدّ العقاب عندما يمرّ رتلُنا في دياره.
- صادفت مفرزةُ من قوّاتنا الرديفة (الأنصار) عصابةً قوامها ثلاثمائة متمرّد خلال مهمّة استطلاع جنوب السويداء. اشتبك حلفاؤنا مع العصاة بيد أنّهم اضطرّوا إلى الانسحاب تحت وطأة العدد تاركين ورائهم عدداً من الجرحى.
- أضف إلى نا تقدّم حَمْلَة الدعاية الكاذبة التي نشطت في الجنوب والغرب بهدف إبقاء الشعب في حالة العصيان. هذه الحمْلَة من تدبير أجنبي يدعى رشيد طليع، يُقَالُ أنّه محطّ ثقة العاهل الأردني وأنّه أتى إلى الجبل لبثّ الفتنة وفي حوزته مبالغٌ لا يستهان بها من المال.
لم تقتصر عودة الاضطرابات على جبل الدروز بل امتدّت إلى عدد من الأقاليم السوريّة التي أرسلت إليها اللجان الإسلاميّة ممثّليها:
- أُكْرِهَت مفارزنا المتحرّكة على الانسحاب من النبك أمام تهديد أعداد كبيرة من المتمرّدين.
- الوضع في البقاع قلقٌ ويخشى أن يعمّ فيه العصيان.
- أحرق قطّاع الطرق السرايا في بعلبك.
- نشطت عصابات غوطة دمشق مجدّداً.
- اضطرّ طيراننا أن يقصف عدّة قرى في حوران.
هذا ناهيك عن التطوّرات خارج الحدود السوريّة التي لم تقلّ سوأً عن الفتن الداخليّة:
- قرّر المؤتمر السوري الفلسطيني، في اجتماعٍ عَقَدَه في يافا، أن يمدّ يد العون إلى متمرّديّ الجبل وأن يرسل كمّيّات كبيرة من المال إليهم.
- نظّمت جمعيّةٌ للعَوْنِ والإغاثة في حيفا شحنَ الأسلحة والذخائر إلى إقليم الدروز.
أكّد لنا الشيخ توفيق بك الأطرش، ابن عمّ سلطان ومدير الداخليّة السابق في دولة جبل الدروز الذي أذعن لنا مؤخّراً، صحّةَ جميع هذه المعلومات. أضاف توفيق بك أنّ المتمرّدين يتلقّون الأسلحة والذخائر والمال من الخارج بشكلٍ شبه يومي وأنّ زعماء الحرب من الدروز، الذين اختلّ توازنهم لوهلةٍ بعيد دخول الفرنسييّن إلى السويداء، قد استعادوا رباطةَ جأشهم بعد أن وعدهم أشخاصٌ مقرّبون من البلاط في شرق الأردنّ بالمساعدة وحرّضوهم على مواصلة النضال.
يظهر توفيق بك الأطرش في الصورة الملحقة (ستّينات القرن الماضي) وعلى يمينه شيخ العقل أحمد جربوع وعلى يساره سلطان باشا.
No comments:
Post a Comment