Saturday, August 12, 2023

تقاعس الدروز في مواجهة سلطان الأطرش



"اتّكاليّة أهل الشرق"


يتّفق ما كتبه الجنرال Andréa في خطوطه العريضة مع النظرة الإستشراقيّة التقليديّة: أهالي الشرق الأدنى خاملون وقَدَرِيّون ومُنْغَعِلون مع الأحداث يفتقرون حسّ المبادهة ويجهلون مصْلَحَتَهم. لست متأكّداً أن المؤلّف الفرنسي فكّر في احتمال وجود سبب آخر لأفعالهم وأقوالهم، يتمثّل بكل بساطة بعدم رغبتهم في التعاون مع سلطات الانتداب وعزوفهم عن قتال أبناء جلدتهم في سبيل أهدافٍ لم تعنِ بالنسبة إليهم الشيء الكثير أو بعبارةٍ ثانية نفورهم من الحرب نيابةً عن فرنسا. أنتقل بعد هذه المقدّمة إلى تعريب ما كتبه المؤلّف:


عسْكَرَ رتلنا في سليم وهي إحدى أوائل القرى التي أذعنت لنا خلال حَمْلَة الدور. حاولنا جهدنا طمأنة شيخ الضيعة ومع ذلك اعترى الخوف الأهالي عندما علموا أنّ قوّاتنا ستمرّ في الإقليم فقاموا بترحيل عائلاتهم ولم يبْقَ لدى وصولنا إلّا الرجال. قال الأعيان لنا أنّ عصابات سلطان كثيراً ما تأتي إلى قريتهم ودائماً تنتهك حرمة البيوت وتسيء معاملة السكّان وتفرض عليهم ضيافتها وتنهب مؤنهم ومحاصيلهم وتتوعّد كلّ من يقاومها.     


جوابنا عليهم: علام تسمحون لهم بالتعدّي عليكم؟ لديكم في القرية عشرين بندقيّة! استعملوها وامنعوهم من نهبكم والتجبّر عليكم. 


- هذا مستجيل، أجابنا الشيخ. إذا حاولنا المقاومة سيأتي سلطان بنفسه مع جميع فرسانه ويعاقبون القرية بمنتهى القسوة. إنّنا ضعفاء لا حيلةَ لنا أمام القوّة. 


- لن يستمرّ سلطان في غيّه إذا تفاهمت جمع قرى الإقليم وتكافلت لصدّ العصابات، أجاب الجنرال Andréa. لستم جميعاً مع الأسف على اتّفاق فيما يتعلّق بالسلوك الذي ينبغي عليكم اتّباعه. إنكم تتذمّرون من أفعال المتمرّدين ولكنّكم تسايرونهم ولا تعترضون البتّة على طلباتهم. الشيء الوحيد الذي تجيدون فعله هو الشكوى وطَلَب حماية الجنود الفرنسييّن. من البدهي أنّنا هنا لمساعدتكم على استعادة واستباب الأمن ومع ذلك يجب عليكم أن تتصرّفوا وتُظْهِروا مزيداً من الحيويّة في النضال ضدّ من جلبوا البؤس إلى دياركم. 


نَذَر الوجهاء التشاور مع القرى المحيطة بغيةَ مقاومة العصابات وردِّها على أعقابها ولكن إلى أي مدى سيذهبون في تحقيق وعدهم؟ الإقطاعيّة متأصّلة لدى الدروز إلى درجة أنّ مجرّد تصرّف أو كلام العصابات باسم سلطان يضفي عليها سلطةً لا يتجرّأ الناس على التصدّي لها. من شبه المؤكّد أنّهم لن يقاتلوا خارج إقليمهم لمجرّد أن يطلب سلطان منهم ذلك بيد أنّهم مستمرّون في استقبال المتمرّدين وتزويدهم بالمؤن عندما تقتضي الضرورة. هذا حال الشرق!







الصورة من قرية سليم عن موقع SNN












Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 

No comments:

Post a Comment