Saturday, August 19, 2023

كلمة محمود أبو فخر في حضرة هنري دو جوڤنيل

 


أنقل خلال الأسطر القليلة التالية رواية الجنرال Andréa عن زيارة مندوب فرنسا السامي السيّد de Jouvenel إلى السويداء والكلمة التي ألقاها الشيخ محمود أبو فخر بين يديه. لا أملك مع الأسف النصّ الأصلي لخطاب أبو فخر ومنه اضطراري للتعريب عن الترجمة الفرنسيّة (التي أقرّ المؤلّف الفرنسي عينه أنّها ليست حرفيّةً) كما فعلت في أكثر من مكان. 


وصل المندوب السامي للجمهوريّة الفرنسيّة، السيّد de Jouvenel، إلى السويداء في صباح السادس والعشرين من أيّار مايو عام ١٩٢٦ وبصحبته السادة Pierre Alype، المبعوث الاستثنائي إلى حكومة دمشق (تحت الانتداب)، و Périer de Féral، الموفَد المرافق، والكولونيل Catroux، مدير خدمات الاستخبارات. تلى ذلك استعراض الجنود وخلْع الأوسمة وتقديم الضبّاط إلى المندوب السامي الذي شكرهم باسم فرنسا على إخلاصهم وهنّأهم على إنجازاتهم وأكّد مودّته لَهُم وإعجابه بِهِم. 


ذهب de Jouvenel بعد ذلك إلى الساحة في مركز المدينة حيث نُصِبَت خيمةٌ مزدانةٌ بالأعلام الفرنسيّة اصطفّ مقابلها الشيوخ والأعيان ممّن أعلنوا إذعانهم لفرنسا. بعد التحيّات المعتادة أُعْطِيَت الكلمة إلى الزعيم الديني الشيخ محمود أبو فخر الذي خاطب المندوب السامي بهذه العبارات على وجه التقريب:


"نحيّي فيكم فرنسا ونحيّي أيضاً شخصكم ونهنّىء أنفسنا على نجاتنا من براثن الأجانب وليس بخافٍ عليكم أنّ الثورة المستعرة الآن نتيجةُ تدبيرهم. 

كان الدروز أول من مدّ يده إلى الفرنسييّن عندما أتوا إلى سوريّا قبل أن تُحاك المؤامرات في دمشق وشرق الأردن وغيرها وتصدّر إلينا. مع الأسف أعار مشايخ الدروز أذناً صاغيةً لهذه الدسائس وسار الشعب ورائهم. 

لا مناص من الاعتراف بأخطائنا ولكنّنا خُدِعْنا وضُلِّلنا من قبل بعض زعمائنا ممّن أساؤا نصْحَنا والذين لا يزالون في غيّهم إلى اليوم، مدفوعين في ذلك بمصالحهم الشخصيّة. 

نناشد هنا فرنسا الكريمة على الدوام ونلتمس حِلْمَها ودماثتها آملين أن تصفح عن الجهلة التعساء ممّن غرّر الطامحون بهم وتتغمّد خطيئتهم.


جاء ردّ المندوب السامي حازماً وذكّر الشيوخ كيف حاول بكافّة الوسائل، منذ وصوله إلى سوريّا، إن يجد حلّاً سلميّاً وذهب إلى أبعد الحدود في التنازلات التي أمكنه تقديمها في هذا السبيل ومع الأسف لم تُعَر عباراته أذناً صاغيةً وذهبت جهودُهُ أدراج الرياح. إنّها الحرب اليوم وينبغي على الجبل أن يخضع، شاء ذلك أم أبى. 


المندوب السامي مدركٌ أنّ الدروز شعبٌ دؤوبٌ ونشيط وأنّه سِيقَ إلى التمرّد من قِبَل الأجانب وبعض الشيوخ المموّلين من هؤلاء الأجانب ومع ذلك فقد آن الأوان أن يلتزم الجميع جادّة الصواب وأن يقوم أنصار النظام والسلام بطرد من خدعوهم. هذه هي الطريقة المثلى للفوز بغفران فرنسا، مثلها في ذلك مثل الأمّ الرؤوم المستعدّة أبداً لتناسي أخطاء أطفالها شرطَ أن يمتثلوا مخلصينَ إلى تعليماتها.        


يتبع.




يظهر السيّد de Jouvenel مع منظر عامّ لمدينة دمشق على غلاف المجلّة الفرنسيّة الملحق والعائد إلى كانون أوّل ديسمبر عام ١٩٢٥. اللقطة من الشرق إلى الغرب وتهيمن عليها في المقدّمة مئذنة الشحم وأدرج أدناه الصورة الضوئيّة من نفس المنظور للمقارنة.




 
 









Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 

No comments:

Post a Comment