كانت شهبا خاويةً على عروشها عند دخل رَتْلُنا إليها مع طلال باشا عامر الذي أتى معنا من السويداء حيث أعلن إذعانه لنا. وجد طلال داره وقد نهب جماعة سلطان قسماً ممّا فيها وأعْلَمَه خَدَمُهُ أنّ السكّان لاذوا بالقرية المجاورة عندما علموا بدخول القّوات الفرنسيّة إلى الإقليم. أرسل طلال مبعوثيه أنّى استطاع آمراً العائلات بالعودة إلى بيوتها وبالفعل رأينا بعد الظهر جماعاتٍ من الرجال يحملون الأعلام البيضاء على الدروب المؤدّية إلى شهبا. جَمَعَهم الباشا فور وصولهم ولامَهْم على رحيلهم وإفساحهم المجال للمتمرّدين الذين نهبوا بيته. عاد هؤلاء الرجال وحدهم دون أسلحتهم وبناءً عليه ردّهم الباشا على أعقابهم ليأتوا بعائلاتهم وبنادقهم لتسليمها لنا عربوناً عن طاعتهم.
تعتبر شهبا مركزاً هامّاً من الناحية السياسيّة وهكذا مكثنا فيها يومين قَبِلْنا خلالهما استسلام خمسة عشر من القرى المجاورة بيد أنّ قاطنيّ المناطق الشماليّة، خصوصاً وادي اللواء، أحجموا عن الاستجابة للإنذارات التي أرسلناها لهم نظراً لكونهم تحت السيطرة الكاملة للشيخ عزّ الدّين الحلبي المعروف بكراهيته الشرسة للأجانب. يتعيّن إذاً قيادة حمْلَةٍ إلى هذا الإقليم وإن تعيّن تأجيلها إذ وصلتنا معلومات من المقرن الجنوبي مفادها أنّ الوضع متأزّم وأنّه أولى بتدخّل قوّاتنا بأسرع ما يمكن.
تركنا مفرزةً من قوّات الأنصار الرديفة في شهبا، مركز القضاء، الهدف منها الإعلان عن إعادة تشكيل حكومة نظاميّة في الجبل. اتّخذنا هذا الإجراء بانتظار أن نتمكّن من تخصيص حاميةٍ نظاميّة لهذا الغرض وهذا لن يكون ممكناً قبل إنجاز العمليّات في الجنوب وهو عملٌ يتطلّب مشاركة جميع قوّاتنا. ليس لهذه المفرزة التي جنّدناها من إقليم آل عامر كي تقوم بحمايته ما تخشاه من الناحية الأمنيّة إذ هي، على هزالها، تمثّل حكومة السويداء وسلطتها الشرعيّة.
يتبع.
No comments:
Post a Comment