الوضع في المقرن الجنوبي
الثاني عشر من حزيران يونيو ١٩٢٦.
عاد أحد مبعوثينا من صلخد بخبرٍٍ مفادُهُ أنّ زعماءَ المتمرّدين، من دروز ودمشقييّن، اجتمعوا في طاحونٍ قربَ قرية الهويّا حيث ترأّسهم شخصٌ غامضٌ أتى من شرق الأردنّ اسمه رشيد طليع. من المجتمعين من تباكى على سقوط صلخد ومنهم من ثُبِّطَت هِمَمُهم فطرحوا فكرة الاستسلام الشامل. استطاع مبعوث شرق الأردنّ أن يقنع معظم المشاركين في الاجتماع بمواصلة النضال.
مع ذلك عُقِدَ القرارُ على تجنّب مهاجمة الأرتال الفرنسيّة التي لا تسمح قوّتهُا وتسليحُها للدروز بالظفر؛ البديل هو الإبقاء على الإقليم في حالة التمرّد بتكليف بضع مئات من الفرسان بمعاقبة الأشخاص والقرى المشبوهة باعتدالها ونزعاتها السلميّة.
أكّد رشيد طليع الإشاعة التي أطلقها سلطان والقائلة أنّ حوران في سبيله إلى التمرّد وبالتالي فعلى الدروز ألّا ييأسوا من الانتصار في نهاية المطاف. أقنع طليع الشيوخ الحاضرين بتوقيع مظبطة موجّهة (على ما يبدو) إلى ملك شرق الأردنّ يطالبون فيها أن تتولّى دولة غير فرنسا الانتداب على سوريّا (١).
وُضِعَ البرنامج الإرهابي الذي خُطِّطَ في اجتماع الهويّا موضعَ التنفيذ على جناح السرعة في عنز حيث أُحْرِقَ بيتُ حسين باشا (عمّ سلطان) الذي استسلم لنا وصودِرَت ممتلكاتُهُ ومواشيه. الشيء نفسه حصل لحسن الأطرش (إبن عمّ حسين) لمعاقبته على خضوعه لنا. كثيرةٌ هي القرى التي نُهِبَت لترسلُ الأسلابُ منها إلى شرق الأردنّ وتُباعُ في الأسواق لحساب العصاة الذين خيّمت عائلاتهم في الأزرق بتصريحٍ من السلطات الشرق أردنيّة.
عَثَر المتمرّدون إذاً وراء الحدود على عطفٍ لا لبْسَ فيه وتسهيلاتٍ زوّدَتْهُم بالأسلحة والذخائر وكذلك تمتّع الشيوخ المنشقّون في حوران - إسماعيل الحريري على سبيل المثال - بالحريّة الكاملة للتآمر ورعاية انتفاضة إقليمهم. وضعٌ شاذٌّ أُرْسِلَ تقريرٌ عنه إلى المندوب السامي في بيروت.
رشيد طليع |
الصورة الملوّنة من الهويّا عن موقع هنا السويداء على الفيس بعدسة السيّدة جوليا أبو سيف.
(١) سبق القول أنّ عبد الله كان وقتها أميراً وليس ملكاً أمّا عن "الدولة غير فرنسا" المرشّحة للانتداب فليس في هويّتها ذرّةٌ من الشكّ.
No comments:
Post a Comment