رأينا كيف عثر الفرنسيّون على هذه اللوحة وغيرها عندما دخلوا إلى شهبا في أيّار مايو من العام ١٩٢٦ إبّان حملتهم في جبل الدروز. يفترض أنّ الفسيفساء في متحف السويداء أو على الأقلّ كانت فيه ولكنّي لم أنجح في العثور على أي صورة لها باستثناء اثنتين ألحقتهما بالمنشور (كلاهما عن مجلّة Syria في منتصف عشرينات القرن الماضي وأدين بتعريفي بمصدر الصورة على نسق واحد في مقال Dunand للصديق العالم الأستاذ الياس بولاد فله منّي جزيل الشكر). الصورتان مع الأسف من جودة متواضعة. حالة اللوحة لدى اكتشافها سيّئة كما نرى ونلاحظ على الفور ضياع أجزاء مهمّة من مكوّناتها أمّا اليوم فلا شكّ أنّها تعرّضت للمزيد من التلف، هذا إذا كانت لا تزال موجودةً على الإطلاق. سأقوم في الأسطر التالية بنقل ما استطعت جمعه من المعلومات عنها (المصادر الفرنسيّة مع روابطها أدناه) وإذا استطاع أحد السيّدات أو السادة ممّن لهم دراية بعاديّات السويداء وشهبا تزويدنا بمزيد من المعلومات أو بصور حديثة من نوعيّةٍ أفضل فيا حبّذا مع خالص الامتنان.
الوصف:
اللوحة مستطيلة الشكل يبلغ طول قاعدتها ثلاثة أمتار وارتفاعها متراً وعشريّ المتر. يظهر في المشهد تسعة أشخاص من يسار الناظر إلى اليمين:
١. فتىً منتصب القامة مصوّرٌ جباهيّاً يحمل عصاً صغيرةً في كلتيّ يديه.
٢. رجلٌ واقفٌ يقدّم أو يشير بيمناه إلى الشخص التالي.
٣. امرأةٌ جالسةٌ على مقعدٍ مزيّنٍ بالستائر.
٤. شخصٌ لم يبقَ منه إلّا رأسه واليد التي يمسك بها يد المرأة (رقم ٣).
٥. شخص مسلّحٌ بحربة.
٦. شخص يحمل مشعلاً متوهّجاً.
٧. امرأة تحمل سلّةً.
٨. امرأةٌ تحمل جرّةً.
٩. امرأةٌ تحمل غرضاً قد يكون صندوقاً وإن تعذّر الجزم نظراً للتلف الذي أصاب هذا الجزء.
تحيط هالةٌ برأس رقم ٢ و ٤ ومن الواضح أنّ ما نراه مشهد زفاف وتحديداً زفاف ثيطس Thétis وفليوس Pelée.
تعود هذه الفسيفساء إلى نهاية القرن الثالث الميلادي بدلالة نقش كتابي يحدّد هويّة هيمينايوس ربّ الزواج والأعراس (هناك كتابةً لكلّ من الأشخاص التسعة). على اليسار نرى Komos إله القصف والمجون يحمل ناياً في كلٍّ من يديه، يليه نيريوس (أبو عرائس البحر) الذي يشير إلى ثيطس الجالسة على يساره ممسكةً يد فليوس الواقف بعدها.
يشغل شخصان مركز اللوحة: زفس ربّ الأرباب يمسك صولجانه وشابٌّ نصف عارِ يمسك بيده مشعلاً مائلاً يتصاعد منه اللهب. تتصالبُ ساقا هذا الأخير ونراه متّكئاً على عمودٍ صغير رافعاً يده الثانية فوق رأسه ومتّشحاً بمعطفٍ ينسدل أحد أطرافه على ذراعه اليسرى. بالإمكان قراءة نقش كتابي يوناني فوقه، ولو بصورةٍ جزئيّة، لا يدع مجالاً للشكّ في هويّته: ΥΜΕΝΕΟΣ هيميانوس. نرى على يمين الناظر عدداً من النساء (ثلاثة أو أربعة) يتقدّمن نحو هيميانوس ويحملن متاعاً من مستلزمات الأعراس. لربّما كنّ وصيفات ثيطس بدلالة قراءة قديمة للنقش الكتابي لم يبقَ منها الشيء الكثير.
Pascal Linant de Bellefonds. Hyménaios : une iconographie contestée
Syria. Tome 6 fascicule 3, 1925. Nouvelles archéologiques
Maurice Dunand. Rapport sur une mission archéologique au Djebel Druze
No comments:
Post a Comment