تعرّضنا إلى إجراءات فرنسا الأمنيّة في مدينة دمشق في شتاء ١٩٢٥ -١٩٢٦ كما رواها حاكم المنطقة العسكري آنذاك الجنرال Andréa. نأتي الآن إلى إجراءاتها الأمنيّة في الغوطة.
عاد الهدوء إلى المدينة بيد أنّ الوضع خارجها كان مختلفاً إذ استمرّ المتمرّدون في إطلاق النار على مراكزنا ليلاً في غضبٍ تَرْجَمَ عجزهم عن اختراق نطاق الأسلاك الشائكة الذي أقمناه. أحدثت قذائفهم من الضجّة أكثر ممّا تسبّبت به من الأضرار الماديّة ومع ذلك كان لها أثرها بين الأهالي. في هذه الأثناء روّعت العصابات القروييّن وأصبحت كلمتها في الغوطة قانوناُ نافذاً ومن المعروف أنّ هذه العصابات جنّدت في صفوفها من ليس لديهم ما يخسرونه والعاطلين عن العمل وبدو الصحراء ودروز الجبل.
تزايدت أعداد العصابات منذ تعليق العمليّات العسكريّة في جبل الدروز بفضل التمويل الخارجي وثمار النهب وأصبحت مصدراً مقلقاً للبلبلة لا بدّ من مواجهته والسيطرة عليه.
لا يُنْتَظَر من القصف الجوّي للمواقع التي احتلّها المتمرّدون وشراذم العصابات أن يعطي الأثر المأمول في الغوطة المكسوّة بالأشجار والبساتين ولم تكن إجراءات الشرطة المتّخذة قبل تعزيز حامية دمشق أكثر فعاليّةً إذ كانت ضعيفةً أكثر ممّا ينبغي وبالتالي أعجز من أن تبتعد عن المدينة بما فيه الكفاية للسيطرة على الوضع. من ناحيتها لم تسمح العصابات لقوّاتنا بالاقتراب منها ونجحت بالفرار بعد أن كبّدت مفارزنا خسائر ملموسةً. استطاع العصاة المختبئين بين الآجام ، وما أكثرهم في هذا الإقليم، أن يراقبوا تقدّم جنودنا دون أن يكشفوا أنفسهم ويتعيّن الإقرار أنّهم قنّاصون مَهَرة نَدَرَ أن أخطأوا هدفهم أمّا عن جنودنا فقد عجزوا عن رؤية أعدائهم وفقدوا بالتالي الأفضليّة التي زوّدتهم بها أسلحتهم الأتوماتيكيّة إزاء بنادق المتمرّدين البسيطة في الظروف العاديّة.
يتبع
الصةرة الملحقة للثوّار (المتمرّدين حسب المؤلّف الفرنسي) في الغوطة ويظهر عزّ الدين الحلبي واقفاً في منتصف الصفّ الخلفي.
No comments:
Post a Comment