تحديداً مجلّات الشبيبة المصوّرة أو بالإتجليزيّة comics ويقابلها بالفرنسيّة bande dessinée والمقصود بها القصص التي ترويها الرسوم + بالونات أو مستطيلات الحوار.
بدأ هذه النوع من الفنّ الروائي قبل حوالي المائة عام وازدادت شعبيّته عبر السنوات وعلّها بلغت الأوج في الخمسينات والستّينات. بدأ نجمها بالأفول في العهد المعلوماتي مع تسارع منافسة وسائل التسلية الإلكترونيّة ورافق هذا الميل تغيّرٌ ملفتٌ في الفئات العمريّة المهتمّة بهذا النوع من المنشورات: معظم القرّاء قديماً كانوا أطفالاً أو مراهقين على أبعد تقدير أما اليوم فأغلبيّتهم ممّن تجاوزت أعمارهم الثلاثين أو حتّى الأربعين.
تكاثرت هذه القصص في عصرها الذهبي إلى درجةٍ تطلّبت التصنيف والتبويب لتسهيل مهمّة الهواة والجامعين وكانت البداية في الولايات المتّحدة الأميركيّة مع ظهور دليل Overstreet عام ١٩٧٠ وهو لا يزال يصدر سنويّاً وعدد صفحاته أبداً في ازدياد في محاولةٍ مستمرّة لإضافة القصص والمجلّات الحديثة أوّلاً بأوّل مع تقدير للثمن الذي يتعيّن على الشاري دفعه لقاء الحصول على ما يرغب في اقتناءه؛ يتفاوت هذا السعر إلى أقصى الحدود حسب حالة المجلّة (سيّئة، حسنة، جيّدة، جيّدة جدّاً، ممتازة، إلى آخره). هناك اليوم أخصّائيّون في تقييم حالة هذه الدوريّات يتقاضون ثمناً باهظاً لإعطائها درجة معيّنة (من النصف للمجلّة الملوّثة أو الممزّقة إلى ١٠ (العلامة الكاملة إذا كانت في حالة استثنائيّة وكأنّها خرجت لتوّها من المطبعة). "العلامة" التي يحصل عليها العدد شديدة الأهميّة وتتناسب هذه الأهميّة طرداً مع تناقص عدد النسخ المتوافرة من إصدارات قديمة ونادرة لأبطال أيقونييّن. على سبيل المثال اشترى أحدهم العدد الأوّل من Superman الصادر عام ١٩٣٩ بخمسة ملايين وثلاثمائة ألف دولار (!) مع أنّ علامته لم تتجاوز ٨ (من شبه المستحيل الحصول على علامة أعلى لمجلّة على هذه الدرجة من القِدَم).
يقتصر دليل Overstreet على المجلّات المصوّرة الأمريكيّة (هناك دلائل غيره ولكنّه أهمّ الموجود كمّاً ونوعاً واستمراريّةً) وبالتالي فلا مناص من أن يحاول البعض إعطاء المدرسة الفرنسيّة - البلجيكيّة حقّها وكان ذلك اعتباراً من عام ١٩٧٩ مع ظهور العدد الأوّل من BDM الذي لا يزال يصدر إلى اليوم بمعدّل مرّة كل سنتين. هناك فروقات لا بأس بها بين المدرسة الأوروپيّة وزميلتها الأمريكيّة. تاريخيّاً نُشِرت القصص على حلقات في المجلّات الفرانكوفونيّة (tintin أو spirou أو pilote وغيرها) واستغرق إتمامها أشهراً أو حتّى سنوات قبل أن تجمع في ألبوم ٍمجلّدٍ أنيق وعموماً كان الإخراج الأوروپيّ ولربّما لا يزال أفخم بكثير من نظيره الأمريكي مع وجود استثناءات خصوصاً بدايةً من تسعينات القرن الماضي. BDM يركّز على الألبومات (أي بعد تجميع القصّة المسلسلة) وهي الأغلى ثمناً رغم أنّها تكرارٌ (أحياناً مع بعض التعديلات الطفيفة) لما سبق نشره في المجلّة. الدليل الفرنسي - البلجيكي أقلّ شموليّةً من الأمريكي وإن اشترك معه في تخمين الأسعار وهي إجمالاً أرخص بما لا يقاس من الأسعار الأمريكيّة.
أملي أن نرى في يومٍ من الأيّام دليلاً موسوعيّاً مشابهاً للقصص المصوّرة العربيّة (مع ذكر ولو مختصر للمعرّبة) وهي كثيرة وإن لم تكن - لإقرار الحقّ - في غنى الغربيّة. مجلّة سمير رائدة في هذا المضمار اعتباراً من ١٩٥٦ وأذكر أيضاً البدايات الواعدة لمجلّة أسامة السوريّة عام ١٩٦٩.
No comments:
Post a Comment