اشتدّ نشاط ثوّار دمشق (١) أثناء انشغال قوّات الجنرال Gamelin بقمع تمرّد الدروز وفكّ الحصار عن الحامية الفرنسيّة في السويداء. انتقد الثوّار أقوالنا وأفعالنا في كلّ مناسبةٍ سنحت لهم واعتبروا انسحاب الرتل الفرنسي من الجبل ليقضي فصل الشتاء في حوران اعترافاً منّا بعجزنا وزعمت تعليقاتهم أنّنا هُزِمنا وأنّنا سنضطرّ وشيكاً إلى الجلاء عن سوريّا.
مع الأسف كان لهذه الدعاية المغرضة أثرها في نفوس الأهالي إذ أدّت لانضمام عدد منهم إلى عصابات المتمرّدين التي رام المتطرّفون - بواسطتها - إثارة المدينة وبثّ البلبلة في الإقليم. التمس محرّضوّ دمشق العون من سلطان الأطرش وبالفعل منذ إخلاء الجبل من قبل جنودنا، شرعت مجموعات من الدروز بالهبوط من الجبل وتعزيز العصابات المسلّحة في الغوطة (٢) وقد أغراهم الطمع بثمار النهب والسلب.
لم يعانِ التمرّد من شحّ التمويل إذ أتته مبالغ كبيرة من وراء الحدود (٣) ناهيك عن التشجيع والنصائح التي أغدقها على العصاة من يأملون رحيلنا عن سوريّا.
تشكّل حزب سياسيّ في دمشق تحت تسمية حزب الشعب بعد هزيمة الجيش العربي في معركة ميسلون في تمّوز عام ١٩٢٠ وفرار الملك فيصل. انضوى أنصار النظام البائد مع العديد من المستائين الذين اعترتهم الغيرة من السلطات السوريّة - الحائزة على رضى سلطات الانتداب - تحت لواء هذا الحزب. ألّب هذا الحزب، الشديد الكراهية لكلّ ما هو أجنبي، الشعب ضدّ جميع الأجانب وتمادى إلى درجة التنظيم والتحضير للتمرّد في وضح النهار.
الصورة الملحقة للدكتور عبد الرحمن الشهبندر مؤسّس حزب الشعب الذي اعتبره الجنرال Andréa من أهمّ دُعاة الفتنة في "عصيان الدروز" كما أسماه.
(١) هنا يستعمل المؤلّف الجنرال Andréa للمرّة الأولى مصطلح "الثوّار" عوضاً عن "المتمرّدين" أو "العصاة".
(٢) ذكر المصدر الإنجليزي أدناه (صفحة ١٤٤) أنّ الفرنسييّن طافوا بجثث ٢٦ من المتمرّدين على ظهور الجمال في دمشق في الرابع عشر من تشرين أوّل أكتوبر عام ١٩٢٥ (بالطبع لم يذكر Andréa هذه القصّة ولم أعثر عليها في مصدر آخر) وأنّ الدروز انتقموا بعرض جثث ١١ من الشركس ممّن استخدمتهم حكومة الانتداب لدى باب المدينة الشرقي.
(٣) إشارة واضحة إلى إمارة شرق الأردنّ.
No comments:
Post a Comment