Saturday, July 22, 2023

جبل الدروز قبل العاصفة

 


رأينا كيف نجحت فرنسا بعد جهد جهيد في فكّ الحصار عن حاميتها في السويداء واحتواء الثورة - التمرّد في دمشق وغوطتها. نأتي الآن إلى رواية الجنرال Andréa عن الوضع في الجبل في أوائل عام ١٩٢٦ أي قُبَيل شنّ الفرنسييّن حملتهم الرامية إلى وأد العصيان كما اعتبروه. 


أصبح الجبل أكثر بؤر المؤامرات الداعية إلى التمرّد نشاطاً إذ عقد إقطاعيّو الدروز العزم على التحرّر من الانتداب الفرنسي الذي هدّد من ناحية المبدأ امتيازاتهم، مستندين في ذلك إلى مشورة الوطنييّن في دمشق ومدعومين من قبل الزعماء الأجانب من دعاة العروبة. دَفَع الإقطاعييّن إلى هذا غرورٌ لا حدود له وإيمانٌ بقَدَر الشعب الدرزي واعتمادٌ على دعم الشعوب المجاورة المادّي والمعنوي، خصوصاً الوهّابييّن الذين كانوا محطّ ثقتهم المطلقة وإن تبيّن لاحقاً أنّ هذه الثقة لا تستند إلى أساس. 


انطلقت الأوامر التي وجّهت الحراك الثوري من عمّان، عاصمة شرق الأردنّ، ومنها أُرسِلَت الأسلحة والذخائر الضروريّة للمتمرّدين في غوطة دمشق. مِن بلاط الملك عبد الله (١) حُبِكَت دعاية الكراهية وصُدِّرَت إلى سوريّا ضدّ سياساتنا وإدارتنا ونوايانا إذ صوّرتنا حاشية هذا الأمير أعداءاً للإسلام. لم يتورّع هؤلاء المتآمرين الأجانب عن استعمال أي وسيلة للحطّ من اعتبارنا في أعين الشعب الذي كلّفتنا عصبة الأمم بتعليمه السياسة والإدارة. أدّعى المُغْرِضون أنّ الضبّاط الفرنسييّن قَتَلة وأنّ جنودَنا من أهل البلاد رفعوا راية العصيان ضدّنا وأنّ حكومة پاريس تخلّت عن جيش المشرق الذي انهارت معنويّاته وأنّنا هُزِمنا في كلّ مكان، ليس فقط في سوريّا وإنّما أيضاً في المغرب، وأنّ فرنسا لم تَعُد في مصاف القوى العظمى. 


يتبع





الصورة الجويّة الملحقة لقصر رغدان في عمّان الذي بُنيَ في منتصف عشرينات القرن الماضي بمبادرة من الأمير عبد الله. هناك ما يبرّر اتّهام Andréa البلاط الأردني بدعم الحراك السوري بدلالة القصيدة في استقبال عبد الرحمن الشهبندر في القصر عام ١٩٣٩ على صفحة الويكيبيديا والتي تشير أيضاً إلى استمراريّة هذا الدعم - ولو لفظيّاً - بعد انتهاء الثورة السوريّة طالما دام الانتداب الفرنسي. ما كان للهاشمييّن أن يتصرّفوا بهذا الشكل دون موافقة بريطانيا الضمنيّة أو على الأقلّ "تسامحها" إذا جاز التعبير.     




(١) سبق القول أنّ عبد الله بن الحسين بن علي لم يكن ملكاً وقتها بل أميراً على شرق الأردنّ.










Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 

No comments:

Post a Comment