Monday, July 24, 2023

نداء المندوب السامي وردّ الشعب الدرزي

 


أهاب مندوب فرنسا السامي، السيّد de Jouvenel بالشعب الدرزي أن يتوقّف عن القتال ويرعوي عن غيّه في رسالة اختلط فيها الوعد والوعيد حرّرها في شباط فبراير ١٩٢٦. أدْرَجَ الجنرال Andréa في كتابه النصّ الفرنسي (الذي أدرجته بدوري في منشور مستقلّ بالفرنسيّة) ولم أحصل مع الأسف على صورة طبق الأصل عن النصّ العربي وإنمّا على وجهين له: 


- الأوّل في موقع التاريخ السوري المعاصر (نقلاً عن أحد كتب العماد الراحل مصطفى طلاس). 

- الثاني من كتاب "في جبل العرب" للأستاذ حسن القيسي نصر ألحق نصّه بمنشور اليوم. 


هناك اختلاف طفيف بين النصّين ولكن اللهجة واحدة والمضمون واحد. 



أستأنف بعد هذه المقدمة التعريب عن Andréa (أي ردّ الدروز على de Jouvenel وردّ المندوب السامي على ردّهم):


أجاب سلطان (الأطرش) وشركاه على هذه الرسالة النبيلة بالطلبات المتعجرفة التالية:


"السويداء في الثامن والعشرين من شباط فبراير ١٩٢٦. 

إلى صاحب الفخامة هنري دو جوڤونيل:

جواباً على رسالة فخامتكم، عُقِدَ اجتماعٌ كبير في الجبل في الخامس والعشرين من شباط فبراير في قرية داما؛ أقرّ هذا المؤتمر بالإجماع الطلبات الآتية:

- أوّلاً. الاعتراف باستقلال البلاد السوريّة مع تمثيلها في الخارج وقبول سوريّا في عصبة الأمم. 

- ثانياً. إعلان الوحدة السوريّة وإعادة لبنان الكبير إلى وضعه السابق قبل الحرب (١).

- ثالثاً. إبرام معاهدة محدودة المدّة مع فرنسا تضمن المصالح الفرنسيّة دون الإخلال بالسيادة الوطنيّة السوريّة. 

- رابعاً. إنسحاب القوّات الفرنسيّة.

- خامساً. العفو العامّ. 


الإمضاء: الشعب الدرزي."  


يمكن قراءة الوحي الأجنبي في كل سطر من هذا الردّ الذي لا يُصدَّق؛ اقتصر إقطاعيّو الدروز حتّى الآن على المطالبة باستقلال الجبل عن بقيّة الدول السوريّة التي لا يريدون الارتباط معها لا سياسيّاً ولا إداريّاً؛ كان الدروز دائماً ضدّ الوحدة السوريّة وهاهم اليوم يطالبون بها! يستحيل ألّا نرى في هذا الانقلاب الفجائي بين عشيّةٍ وضحاها تأثير الدمشقييّن المتطرّفين والمتآمرين الأجانب (٢)


أتى ردّ السيّد de Jouvenel واضحاً لا لبس فيه:


"جعلت رسالة الثامن والعشرين من شباط فبراير الممهورة بإمضاء الشعب الدرزي أي حديث مباشر أو غير مباشر بيننا وبين المتمرّدين مستحيلاً؛ من الآن فصاعداً لن يقبل المندوب السامي إلّا استسلامهم الكامل والصريح."


اقتنع الوطنيّون في دمشق، أمام هذه التطوّرات، وشهوداً على التحضيرات لِحَمْلَتِنا الميدانيّة، أنّ حلفائهم في الجبل يسيرون في محاولتهم مقاومتنا نحو كارثةٍ محقّقة. راجع وطنيّو الشام موقفهم والتمسوا الإذن بالذهاب إلى السويداء لمناقشة شروط سلامٍ مع الدروز يمكن لفرنسا قبولها؛ لم يكن نصيبهم من النجاح أكثر من حظّ الوفد اللبناني وعادوا إلى دمشق ليعرضوا نتائج وسَاطَتِهم وأفادوا أنّ الجبل بكامله يستعدّ لمواجهة بعثتنا العسكريّة وأنّ المعركةَ آتيةٌ لا مفرَّ منها.            






(١) الإشارة إلى الحرب العالميّة الأولى بالطبع ومتصرّفيّة جبل لبنان. 

(٢) "الدمشقيّون المتطرّفون" بالدرجة الأولى عبد الرحمن الشهبندر أمّا "الأجانب" فهم كثيرون علّ أحدهم الأمير عادل أرسلان في لبنان ومنهم بالتأكيد البلاط الهاشمي في شرق الأردنّ ومن ورائه بريطانيا كما أتى ذكره سابقاً وسيأتي المزيد عنه لاحقاً. 










Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 

No comments:

Post a Comment