Tuesday, July 4, 2023

حمد ومتعب الأطرش

 


لا تكمن أهميّة كتاب الجنرال Andréa عن عصيان الدروز في تجرّده وموضوعيّته ومن الواضح أنّه يرى الثورة السوريّة (أو التمرّد كما أسماها) من منظور فرنسي استعماري مؤمن بتفوّقه العلمي والعسكري والحضاري ومهمّته الإنسانيّة في جلب المدنيّة mission civilatrice والتقدّم إلى الشعوب المتخلّفة (تُدْعى هذه "المهمّة" أيضاً White Man's Burden "عبء الرجل الأبيض" على مبدأ "الرسالة الخالدة للأمّة العربيّة الواحدة"). أهميّة العمل بالأحرى أنّ الكاتب عاصر الأحداث التي وصفها وساهم في صنعها وبالتالي يحسن الاستماع إليه إذا توخّينا استكمال الصورة. يروي المؤلّف في الأسطر التالية محاولة فرنسا إعادة الأمن في جبل الدروز بعد نجاحها في فكّ الطوق عن حامية السويداء. 


استأنفت قطعاتنا زحفها على طريق الجبل في الأوّل من تشرين الأوّل أكتوبر عام ١٩٢٥ نحو عرى معقل الأسرة السائدة لعشيرة الأطرش. 


وصلنا إلى عرى مساءً ووجدناها خاليةً باستثناء عشرين من المسيحييّن. استقرّت قيادتنا في قصر الأطرش وهو خان كبير آيل للتداعي إلى حدٍّ ما. تمركزت كتائبنا حول القرية. 



أتى الأمير حمد بك (*) - زعيم العائلة - في الصباح التالي على صهوة جواده ومثل أمام الجنرال (غاملان) معلناً خضوعه. حمد بك شابّ لطيف المحيّا دافع عن قضيّة الدروز وطمأن القائد الفرنسي عن حسن نواياه بيد أنّه اعترف بصراحةٍ أنّه لا يملك ما يكفي من النفوذ على أقربائه سلطان وعبد الغفّار باشا الأطرش لحملهم على التعقّل. مع ذلك اعتقد حمد أنّ الشعب لا يريد الحرب وأنّه سيرغم سلطان وعبد الغفّار على التزام جادّة الصواب. 



غادر الرتل عرى ليصل بعد الظهر إلى قرية رساس التي يملكها إقطاعيّ آخر من أبناء عمّ سلطان الأطرش يدعى متعب بك (*). هنا أيضاً وجدنا البيوت خاويةً على عروشها وإن أكّد لنا أحد المبعوثين أنّ عدداً من مشايخ الإقليم - منهم متعب - سيأتون ويقدّمون أنفسهم إلى الجنرال في أقلّ من ثمانٍ وأربعين ساعة.


دامت إقامتنا في رساس ثلاثة أيّام دون أن يأتي لا سيّد القرية متعب بك ولا المشايخ الموعودين.




(*) حمد حفيد إسماعيل الأطرش من ابنه شبلي. متعب حفيد إسماعيل من ابنه هلال. 






مصدر الصورتين: إدمون ربّاط الثورة السوريّة الكبرى تعريب محمّد المجذوب. تاريخ العرب والعالم السنة الخامسة العدد ٥٥ أيّار ١٩٨٣.






Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937. 

No comments:

Post a Comment