أتابع - نقلاً عن الجنرال Andréa سرد قصّة معركة السويداء. تعرّضنا للرتل الرئيس الذي انطلق من إزرع (النقطة الحمراء) ونأتي اليوم إلى الرتل الثاني أو الخفيف الذي انطلق من بصرى (النقاط الصفراء) ليردف الأوّل أمام العاصمة الإقليميّة (النقطة الزرقاء).
حاول قائد الرتل الخفيف، أثناء تمركزه في بصرى، أن يخدع المتمرّدين فيما يتعلّق بالطريق الذي عزم على اتّخاذه فنشر شائعاتٍ مفادُها أنّه ينوي الزحف على صلخد عاضمة المقرن الجنوبي. الهدف من هذا التكتيك حمل العصاة على تشتيت قواهم وبالتالي الإقلال من عدد المحاربين الدروز في منطقة المعركة، أي السويداء (١).
غادر الرتل الخفيف بصرى صباح الرابع والعشرين من أيلول سبتمبر (١٩٢٦) قبل بزوغ الشمس بفترةٍ لا بأس بها كي لا يراهم المراقبون الدروز الكامنين بانتظارهم على طريق صلخد وبالتالي يبقى سلوك الفرنسييّن طريق السويداء طيّ الكتمان. وصل الرتل إلى جوار عرى دون حادثٍ يذكر باستثناء بعض عيارات البنادق التي أطلقها قرويّو المجيمر على الجناح الأيمن والتي أسكتتها مدفعيّتنا بسرعة.
مع ذلك استُقْبِلَت مقدِّمَتُنا لدى دخولها قرية عرى بوابل من الرصاص من البيوت وذرى الصخور الواقعة خلفها بقليل. هيّأ قائد جنودنا قوّاته بمواجهة البلدة ومهّد لهجومه بالمدفعيّة قبل أن يطلق العنان لمقدّمته على الموقع ويحتلّه بمنتهى البراعة. لم يصرّ الدروز على المقاومة وانسحبوا نحو الجبل.
الخلاصة وصل الرتلان إلى مواقعهما حسب الخطّة المرسومة بعد ظهر الرابع والعشرين من أيلول وغداً سيهاجمان السويداء. أرسل الجنرال (أي Andréa) إلى قائد الرتل الخفيف التعليمات الآتية:
- تأخذ الوحدات تشكيل القتال وتنطلق اعتباراً من الساعة الخامسة وأربعين دقيقة صباحاً أي أبكر بساعة من الرتل الرئيس نظراً لأنّ الطريق الذي يتعيّن على هذا الأخير سلوكه للوصول إلى السويداء أقصر.
- هدف الزحف قلعة السويداء (٢) الواقعة على بعد ألف وخمسمائة متر إلى الشرق من المدينة.
- يجتمع الرتلان، الرئيس والخفيف، على مسافة ثلاثة كيلومترات من المدينة قبل المباشرة بالهجوم.
يعطي القائد إشارةً (بالصواريخ) بمجرّد التقاء الرتلين، يهاجم كلاهما على إثرها مُرْتَفَع السويداء. يتّجه الرتل الخفيف إلى القلعة ليقطع طريق الانسحاب على المدافعين عن المدينة بينما يهاجم الرتل الرئيس - انطلاقاً من المنطقة الوعرة غرب المدينة - ملتفّاً نحو الشمال ليطبِقَ على القلعة ويدعم بذلك تحرّك الرتل الخفيف. هدف المناورة إجمالاً تطويق القوّات الدرزيّة.
(١) اكتشف الدروز هذه الخدعة بسرعة كما أقرّ Andréa لاحقاً ولو بشكل غير مباشر. الموضوع سيّان نظراً للتفوّق الساحق الذي تمتّع به الفرنسيّون.
(٢) أرفق بالمنشور صورةً قديمةً للقلعة مع صورة حديثة لسورها الشرقي وهو حسب الأستاذ طلال الكفيري نقلاً عن المهندسة المعماريّة السيّدة هاجر أنور كيوان كلّ ما تبقّى من معالمها التاريخيّة مع بعض الغرف التي بناها العثمانيّون مهاجعاً لقوّاتهم.
No comments:
Post a Comment